Tuesday, January 25, 2011

ليلة الرعب الرئاسى


يجلس فى قصره مرعوباً.. جميع الخدم يتحركون فى توتر ينظرون إليه فى شفقة.. يزيد الصورة رعباً صوت هدير الطائرة التى صدرت الأوامر بأن تظل جاهزة للهروب فى أى وقت.

يدور شريط حياته أمام عينيه، يتذكر كيف كان يحرص على وضع لوحة رخامية فى كل شارع ونفق وكوبرى تخلد إسمه، وتراءى أمام عينية مشهد الثلاثين عاماً وهم يتحولون إلى لحظات من الحقارة والرعب والذعر.

منذ أيام إجتاحت تلك الليلة السوداء دولة كان يحكمها زميل.. هذا الزميل عايش ليلة مثيلة إنتهت بهروبه على طائرة.. ترفض إستقباله دولاً كانت صديقة لسنوات طويلة، لكنها تنصلت منه وتبراءت من عمايله..

الأمر مختلف؛ فشعبى جبان وما يحدث الآن طفرة سرعان ما ستنطفى مع حلول الصباح، لكن صوت هدير المظاهرات أتى إليه من كل مكان فى القصر، مستشاره أشار عليه بالهروب سراً والعودة سراً حال إستقرار الأمور، لكنه يعلم جيداً أن خبر الهروب لو تسرب لكان إيذاناً لكل رجاله بالتخلى عنه، ولدب الرعب فى أوصال الرجال الذين يحجبون عنه شر الشعب الغضبان.

لكنه رغم رفضه لفكرة الهروب فى الوقت الحالى فضل أن يرسل العيال للخارج.. والعيال هم الزوجة والإبن والحفيد؛ محملين بصناديق تحمل ما يكفيهم شر الحاجة حال حدوث الإنقلاب، صناديق الذهب والعملة: اتبعوا التعليمات وهتلاقوا اللى يستقبلكم وما تتكلموش مع حد لإن خروجكم هيفضل سر – هكذا ودع إسرته بتلك الكلمات.

عايز لقطة واسعة لميدان التحرير دلوقت..
هكذا طلب من المساعدين فانفتحت الشاشة العملاقة فى غرفته بالقصر الكبير.. لقطة تكاد تكون بالحجم الطبيعى، يبدو فيها مُجمّع التحرير كنقطة مضيئة بجوار بحر الثوار المتلاطم الأمواج، انتفض قلبه رعباً.. واشار طبيبه المعالج عليه بغفوة قصيرة لإن قلبه العجوز لم يعد يتحمل ذلك الإجهاد الرهيب.

قرر أن يتغلب على الرعب بغفوة قصيرة، أغلق عينيه وهو لا يعلم تحديداً ما المشهد الذى سيراه حينما سيُفتحها مرة أخرى.

أحمد الصباغ

ليلة الرعب الرئاسى


يجلس فى قصره مرعوباً.. جميع الخدم يتحركون فى توتر ينظرون إليه فى شفقة.. يزيد الصورة رعباً صوت هدير الطائرة التى صدرت الأوامر بأن تظل جاهزة للهروب فى أى وقت.

يدور شريط حياته أمام عينيه، يتذكر كيف كان يحرص على وضع لوحة رخامية فى كل شارع ونفق وكوبرى تخلد إسمه، وتراءى أمام عينية مشهد الثلاثين عاماً وهم يتحولون إلى لحظات من الحقارة والرعب والذعر.

منذ أيام إجتاحت تلك الليلة السوداء دولة كان يحكمها زميل.. هذا الزميل عايش ليلة مثيلة إنتهت بهروبه على طائرة.. ترفض إستقباله دولاً كانت صديقة لسنوات طويلة، لكنها تنصلت منه وتبراءت من عمايله..

الأمر مختلف؛ فشعبى جبان وما يحدث الآن طفرة سرعان ما ستنطفى مع حلول الصباح، لكن صوت هدير المظاهرات أتى إليه من كل مكان فى القصر، مستشاره أشار عليه بالهروب سراً والعودة سراً حال إستقرار الأمور، لكنه يعلم جيداً أن خبر الهروب لو تسرب لكان إيذاناً لكل رجاله بالتخلى عنه، ولدب الرعب فى أوصال الرجال الذين يحجبون عنه شر الشعب الغضبان.

لكنه رغم رفضه لفكرة الهروب فى الوقت الحالى فضل أن يرسل العيال للخارج.. والعيال هم الزوجة والإبن والحفيد؛ محملين بصناديق تحمل ما يكفيهم شر الحاجة حال حدوث الإنقلاب، صناديق الذهب والعملة: اتبعوا التعليمات وهتلاقوا اللى يستقبلكم وما تتكلموش مع حد لإن خروجكم هيفضل سر – هكذا ودع إسرته بتلك الكلمات.

عايز لقطة واسعة لميدان التحرير دلوقت..
هكذا طلب من المساعدين فانفتحت الشاشة العملاقة فى غرفته بالقصر الكبير.. لقطة تكاد تكون بالحجم الطبيعى، يبدو فيها مُجمّع التحرير كنقطة مضيئة بجوار بحر الثوار المتلاطم الأمواج، انتفض قلبه رعباً.. واشار طبيبه المعالج عليه بغفوة قصيرة لإن قلبه العجوز لم يعد يتحمل ذلك الإجهاد الرهيب.

قرر أن يتغلب على الرعب بغفوة قصيرة، أغلق عينيه وهو لا يعلم تحديداً ما المشهد الذى سيراه حينما سيُفتحها مرة أخرى.

أحمد الصباغ

Sunday, January 23, 2011

حظك يوم 25 يناير

الحوت
تجلس فى غرفتك واضعاً الهيدفون فى اذنيك تستمع إلى فيروز حتى إذا ما أتوا إليك بالنسكافيه قاطعين حبل استمتاعك شخطت فيهم : الله يخرب بيوتكم .. هو الواحد ما يعرفش يعيش شوية.

الميزان
تقف وحدك بجوار التوحيد والنور تنتظر المظاهرة التى لم تأتى بعد .. فتضيع الوقت بالفرجة على أسعار المحل إلى أن تجد غيارات داخلية بأسعار لقطة فتشترى كمية.

القوس
ما بين شلوط عسكرى أمن مركزى، وقفا محترم من ظابط يتراوح نصيبك فى هذا اليوم، لكنك تبتسم فى يقين بالنصر، وتتذكر أن وراء كل نصر شالوط.

العذراء
واضح من اسم البرج بتاعك – بالمناسبة أنا عذراء – إنك شخص لم تخض التجربة، لذلك تحمل شنطتك على ظهرك مسلحاً بساندوتشات النضال الوطنى وزمزمية الثورة الشعبية ومرتدياً جاكت الحماس الإشتراكى، وسيكون هذا اليوم هو أكثر أيام حياتك زعيقاً.

الجوزاء
انت موفق فى اختيارك لمصر الجديدة كمكان مناسب للتظاهر، لكن لا تنسى الآى بود..

الجدى
حيث إنك تتميز برأس ناشفة – ككل الجديان - فقد صممت على النزول يوم خمسة وعشرين يناير رغم تحذيرات الأب والأم، المشكلة انهم نزلوا جميعاً هذا اليوم لأسباب مختلفة: الأم نزلت تشترى الخضار فتورطت فى الاشتراك فى المظاهرات.. والأب نزل يصلى الجمعة إعتقاداً منه إن يوم الأجازة لازم يكون جمعة.

الثور
يتصل بك صديقك الجدى ويسألك هتنزل المظاهرات ولا ايه نظامك؟ فتتأفف وتقول له إنك عندكم ضيوف ، ولإنه واد غتيت فيقف تحت بيتكم منادياً بأعلى صوت: حمادادادادااااااااا

العقرب
إحرص على أن تكون بالقرب من عساكر الأمن.. يمكن نستفيد منك بحاجة.

الأسد
محتضناً المخدة ومتخذاً وضع القرفصاء ومصدراً صوت شخير عالى قضيت اليوم وحينما تسللت إلى أنفك رائحة تقلية الملوخية إستيقظت وتثائبت فيما يشبه الزئير .. لتثبت إنك بالفعل أسد.

السرطان
تقضى يومك فى الحزب للإحتفال مع الشرطة بعيدها مستمتعاً بالوجبات، حتى إذا إنفض الاحتفال تخرج إلى المظاهرات إعتقاداً منك إنهم بيفرقوا وجبات بردو.

الدلو
ماء كثير فى الطريق إليك .. ملحوظة: يعمد الأمن لإستخدام الماء فى المظاهرات لتفريق المتظاهرين.

الحمل
أنت تستيقظ كل صباح لتبحث عن عمل فلا تجد .. اليوم تستيقظ لتبحث عمن سرق العمل.

أحمد الصباغ

Thursday, January 13, 2011

ليس أكثر من مجرد حلم

أغلق باب حجرته ونافذته فأظلمت الغرفة..  استلقى على سريره وأغمض عينيه بعد يوم طويل متعب .. هو وحده فى المنزل لكنه يحتاج الآن الراحة أكثر من إحتياجه لأى شخص آخر .. 

إستسلم لغفوة بعدها أصبحت الغرفة أكثر سكوناً وظلاماً إلى أن راح فى سبات عميق وهادئ .. حينئذ إمتدت يد غريبة لتفتح باب غرفته بهدوء حذر، ثم خطوات حذرة تتحرك نحو الكوميدينو بجوار سرير تمسك بنظارته فى حرص شديد وتضع نظارة أخرى مشابهة تماماً لنظراته ذات الإطار البنى تتراجع الخطوات تغلق خلفها الباب وتختفى تماماً من الوجود..

عندما أطلت أشعة الشمس على السماء الدنيا فتح عينيه وقام نشواناً من نومه، نظر فى الساعة الفسفورية المعلقة فى غرفته تلفـّت يمينه .. إلتقط النظارة ولبسها.. 

كانت الثلاجة فيها بقايا من جبن الأمس وقطعة من ورك فرخة يتيم حملهما وإستعان بحتة لقمة كان قد قام بتقميرها عدة مرات لكنها لم تحظى بشرف الأكل .. فتح التلفاز يستمع إلى الأخبار .. لكن ما هى إلا دقائق حتى توقف عن الأكل مترقباً فقد كانت الأخبار مهمة :

الإتحاد العربى يواجه مشكلةٍ ما، فبعد أن إتحدت الدول العربية تحت علم واحد ورئيس واحد وعملة واحدة يواجه الإتحاد تحديات إقتصادية صعبة إزاء دولاً تكبدت خسائر فادحة من قيام ذلك الإتحاد وتحاربه إقتصادياً بشتى الطرق..

أمريكا قامت بتعويم الدولار فى مقابل الجنيه العربى، والاتحاد الأوربى يدرس إيجاد بدائل لصادرات الإتحاد العربى إليه .. مجلس قيادة الإتحاد العربى يدرس رفع سعر برميل النفط بعد أن وجد إقبالاً عالمياً شديداً وذلك بعد أن أعلنت فنزويلا وإيران نفاد مخزونهما من البترول..

وعلم أن المحكمة أصدرت حكماً بالسجن خمس سنوات على مسلم قام بإزدراء شخص مسيحى وبثلاثة أعوام على مدرس قام بضرب تلميذ فأحدث له إصابة بالغة فى يده ..

أراد أن يغير جو هذه العكننة التى اجتاحته إثر تلك الأخبار فضغط زر الريموت باتجاه قناة "ميلودى تتحدى الملل" طمعاً فى مطالعة تضاريس "بووبى" لكنه وجدها فعلاً تتحدى الملل وذلك حيث تقوم بعرض كتاب الأستاذ هيكل الجديد وتتلقى ردود أفعال المشاهدين وهى ترتدى نظارة أنيقة وملابس محترمة، فشعر أن "بووبى" التى كانت تملأ لحظات وحدته بالنشوة قد تغيرت وأنه لا مناص من الزواج ليجد من يملا لحظاته بتلك النشوة المفقودة .. 

بعد زواجه فوجئ بأن خطاب مسجل بعلم الوصول قد أتاه وحينما وجد أن الحكومة تخبره بأن عليه الذهاب لأقرب مكتب بريد لإستلام منحة الزواج التى قد قررت الحكومة تخصصيها لأى شاب متزوج ، وتطبق فى جميع أرجاء الإتحاد العربى .. 

فقد محفظته فوجد بعد يومين ظابطاً يأتيه بها فى منزله ، مرضت مريم – زوجته – فتم عالجها فى أفخم المستشفيات على نفقة الدولة ، كبروا الأولاد فتم إستدعاءه من قبل وزارة التربية والتعليم حتى يختار المدرسة المناسبه لمكان سكنه .. وإختار تلك المدرسة من بين 250 مدرسة فى منطقته كلها تدار على أحدث الأسس التربوية والتكنولوجية فى العالم .. 

صحيح أن عدد السكان حسب إحصائية مركز نظم معلومات الإتحاد العربى قالت بأن الإتحاد العربى يضم ملياراً وربع المليار نسمة .. لكن موارد الإتحاد من البترول والثروة السمكية والسياحة والزراعة والصناعة تفيض وتم تخصيص حوالىّ 200 مليار جنيه عربى كمعونات لبلاد يجتاحها الفقر.

استرجع ذكريات أليمة كانت بلاده تعانى من الفقر والتسول وبلطجة رجال الشرطة وتذكر أيام اعتصامات رصيف مجلس الشورى وتلك التصفية التى عانى منها المسيحيين بواسطة إرهابيين مأجورين وبمعاونة الأمن الذى كان يحكم البلد فى تلك الفترة .. 

تذكر أيام ما كان لا يجد للتعبير عما يجيش فى صدره من غضب سوى كتابة "إستيتوس" على الفيسبوك، ولا يتلقى تعازى من شركاؤه فى الوطن سوى "لايك" أو "كومنت" على أقصى تقدير .. 

تذكر أيام ما كان يودع صديقه المسيحى "مينا" وداعاً حاراً كلما أراد "مينا" السفر لزيارة أهله وكأنه يشعر أنه الوداع الأخير .. إلى أن أصبح بالفعل وداعاً أخيراً .. ولم يرى "مينا" بعدها.. 

تذكر أيام ما كان ينتظر ساعتين كاملتين فى شمس الصيف الحارة حتى يأتى الأوتوبيس، ذلك الأوتوبيس الذى يلفظ من البشر بعضاً من الناجين قبل أن ينقلب الأتوبيس بعدها من فوق الكوبرى أو فى ترعة .. 

تذكر أيام ما كان خيرة شباب الوطن يرزحون تحت نير البطالة والمخدرات والدعارة والشبق الجنسى ، ولجأ أغلبهم إلى الهجرة عبر البحر التى كانت تنتهى نهايات مأساوية .. 

انتفضت على لمسة حانية من يد مريم البيضاء وقُبلة شهية من شفتاها الفراولتان فقام محتضنها فى شهوة، وجرّها جراً إلى السرير وهى تتمنع تمنع الراغبات .. وأطفأ النور وألقى نفسه فى ذلك الظلام الطرى اللذيذ .. لكن اليد المتسللة عادت وبدلت النظارة مرة أخرى.

أحمد الصباغ

Tuesday, January 4, 2011

أن تمارس البكاء حتى البلل

تقترب الساعة من الثانية عشرة منتصف الليلة الأخيرة من العام ..  يتعلق بصرك بعقارب الساعة التى أوشكت على مداعبة اللحظات الأولى من العام الجديد .. 

لم تشعر يوماً أنك صانع أحداث فى ذلك العام المُنقضى .. ولا حتى تلك الأحداث التى تخصك .. تشعر أنك فى هذا البلد كمن يشاهد فيلم سينمائى له مُخرج؛ يحرك فيه الأحداث ويستحيل – مهما أراد المشاهد – أن يُغير فى أحداث الفيلم..

تفتح النافذة لتشاهد فى بهجة أضواء الإحتفال بالكريسماس .. يخفق قلبك بشدة حينما تعلن الساعة ميلاد الليلة الأولى .. تجرى مسرعاً إلى القناة الأولى التى تعودت على متابعتها فى تلك اللحظة المجيدة التى لا تتكرر إلا مرة واحدة فى العام حيث المذيعات يتحلين بإبتسامة بلهاء فرحاً بالعام الجديد..

تسرع إلى عالمك الفيسبوكى الجميل تهب عليك الأمنيات الطيبة من كل "إستيتوس" تشعر بنشوة لا حدود لها حينما تجد أن صديقتك الجميلة قد عملت لك "تاج" فى صورة بها وجه مبتسم ثم فجاءة.. 

تنقلب الدنيا ظلاماً..
ستشاهد صور الأشلاء التى تفجرت فيها قنبلة الـ "تى إن تى" ذات المسامير والشظايا .. وتعرف أن من بين القتلى فتاة جميلة وشاب فى ريعان شبابه وأب يحمل هموم الدنيا وأم .. تجمدت في عينيها نظرتها الحانية الغلبانة قبل أن تتفجر جمجمتها.. 
وستعرف أن هؤلاء جميعاً مسيحيون، فتهتف "يحيا الهلال مع الصليب" وتضع لقطة يتعانق فيها الهلال مع الصليب كصورة لبروفايلك.

ستنشأ جروباً على الفيسبوك وتسميه "محمد وجرجس" أو "كلنا مريم" وستدعو مع الآلاف غيرك إلى المسيرات والوقفات الإحتجاجية..

يمر يومان تتضح بعدها الأحداث وتقرأ مزيداً من التهديدات فتترقب يوم الخميس ليلة السابع من يناير فى خوف وترقب، وتتسأل هل يمكن لهؤلاء أن يعيدوا الكرّة وتتكرر الكارثة؟

ستفكر جدياً فى الذهاب إلى الكنيسة للمساهمة فى حملة "الدروع البشرية" لكنك تفكر فى لحظو ما أن الموضوع قد ينقلب جد، وترجع إلى منزلك أشلاءاً مقطعة، وتتخيل اللحظة التى يخبرون فيها أمك وأبيك بأنك أصبحت أشلاءاً فتتراجع وتكتفى بالشجب.

ستتساءل عن إحساس أصدقاءك المسيحيون الذين سيذهبون ليلة العيد ليقيمون القداس ويحتفلون بميلاد المسيح، ينتابك للحظة شعور جارف بالخوف من النزول فى الشارع أو المرور من أمام كنيسة تكتفى بالترقب والتساءل.

تكتب أكثر من 100 إستيتوس على الفيسبوك، نصفها على الأقل حزناً على الضحايا والنصف الأخر ترتدى فيه ثوب الحكمة .. تلعن الأمن المقصر فى أداء واجبه .. وتقدم النصائح .. تنتقد الشخصيات .. وتقوم بعمل اللايكات الغزيرة والتعليق بكل حماس على كل إستيتوس يمس القضية.

ستدخل حتماً – ولو بالصدفة – على بروفايل "مريم فكرى" إحدى الضحايا التى لقت نحبها بعد أن بثت فى إستيتوسها الأخير كل آلامها وآمالها فى العام الجديد، وستتمعن فى الصور فترتسم في مخيلتك كيف تحول هذا الجمال الباهر والشباب البرئ الناضر إلى أشلاء دموية..

ستشعر لأول مرة فى حياتك شعور المتهم كلما قابلت صديقاً مسيحياً معتقداً أنه قد بدأ فى مبادلتك نظرات الإتهام ثم تجد نفسك لأول مرة مدافعاً عن المسيحيين وحقوقهم فى جلسات لا يحضرها مسيحيين، وتتحدث عن الإرهاب بنفس الطريقة التى كنت تسمعها من أمك وأبيك أو بطريقة مذيعى التليفزيون والتى كنت تسخر منها.

ستدخل غرفتك التى علقت فيها خريطة كبيرة للعالم تقترب اكثر منها فيبدو لك ذلك المربع الذى يمثل خريطة مصر تمعن النظر فيه بأسى .. يخفق قلبك فى ضلوعك خوفاً على ذلك المربع .. قبل أن تسقط من عينيك دمعة سرعان من تمسحها بيدك قبل أن يشاهدها أحد.

أحمد الصباغ