Thursday, March 27, 2008

بعد عام من التدوين

فى يوم ربيعى جميل من أيام شهر مارس عام 2007 كان مولد مدونتى "مدونة خالو أحمد " .. صحيح فِضلت بعد التاريخ ده فترة من الزمن فى تعداد الجماد ، وظّلت تحمل فقط صورة كبيرة ليا لعدة أسابيع .. ثم حملت بعض كلمات قليلة تحت الصورة أُعرّف بها نفسى .. لكن مع أول تعليق ، عرفت إن فى حد بيتابعنى وبدأتْ فى الخروج من مرحلة السكون إلى مرحلة النشاط والكتابة اليوميه والمتابعة والرد على التعليقات ، ويوم بعد يوم .. بدأت أطوّر المدونة فى الشكل والمضمون وطريقة التفكير والعرض وطريقة تناول الموضوعات ، ثم دخلت عصر الكاميرا الرقمية فبدأت بإثراء الموضوعات بصور حقيقة من إلتقاطى ، بدلا من الصور المنقولة أو المرسومة

ثم كانت الصداقات واللقاءات الأسطورية الرائعة مع مدوّنين من كل حتة ف مصر ، سواء أون لاين من خلال الزيارة الدائمة لمدوّنات أحبها ، أو اللقاءات التى كنا نعقدها فى المناسبات ، ولازلت أذكر أول لقاء مع مدوّنين .. والانطباع الجميل اللى أخدتة لما قابلت مجموعة من أجمل شباب مصر المحترم المُتحمس المثقف والمتفتّح جدا .. ثم توالت الصداقات التدوينية بعدها وأصبحت تُصبغ المدونة بلون الود والتقارب ... ثم أصبح التواصُل بين المدوّنين أحد أهم أهدافى التدوينية

المدونة فتّحت عينى على اللى بيحصل حواليا .. وبقيت ماشى "عنيا مفنجلة" لكل خبر بسمعة او موقف بمر بيه ، ولأول مرة بحس انى بقيت عامل زى " مرصد حلوان " يعنى التدوين زوّد ثقافتى وإحساسى بنبض المجتمع .. وكمان شغّل دماغى فى تحليل الاخبار والمواقف اللى بتحصل ، عشان أقدر أعرضها بإسلوبى لأصدقائى وزوار مدونتى

المدوّنة إكتشفتنى ، أى والله .. المدوّنة إكتشفت فيا حاجات كتير ما كنتش أعرفها ، يارتنى بدوّن من وأنا عندى 16 سنة ، أكيد كانت حياتى أتغيرت ... أكتشفت ان عندى هوايات ومواهب مدفونة لو كنت نميتها من صغرى كانت الأمور أختلفت ، أكتشفت إن عندى قدرة على الكتابة الساخرة بصورة ممكن تقترب من الإحتراف ، وإكتشفت إنى مشروع رسّام كاريكاتير لو أهتميت بالتدريب والمران والممارسة ، وإكتشفت إنى أنفع شاعر عامى ، ولما كتبت شعر عامى أستقبلوه اصدقاء مدونتى بترحاب وإعجاب ونقد بناء ، وإكتشفت أنى ديزاينر مبتدئ عملت مجموعة من التصاميم والبنارات المقبولة لمعظم اللى شافوها ، وكمان هوايات كتير بدأت تنزل على أرض الواقع مثل هواية التصوير الرقمى وبالفعل أعددت أول مجموعة صور رقمية لى بعنوان " لمحات مصرية " لعرضها فى المدونة ، وهى معروضة حاليا على موقع الفيس بوك

يعنى دلوقت أى حد يقدر يكتشف هواياتة ومواهبة ويختار منها اللى يحبة وينميه ويستغله إستغلال جيد ، ويتواصل مع الناس اللى بيشاركوة فى الموهبة دى ويسمع أراء ونقد ، وكمان يحضر ندوات ولقاءات مفيدة ، أنا شخصيا أعرف بين المدونين دلوقت أدباء .. وشعراء .. وموسيقين.. وعازفين .. وكُتّاب ساخرين .. وقصاصين .. ورسّامين .. وممثلين كمان .. وكافة طرق الإبداع الأخرى

المدوّنة علمتنى لغة الحوار ، وعلمتنى الإستماع وتقبل الأراء اللى بختلف معاها ، وترسّخ مفهوم " الناس فيما يعشقون مذاهبُ" بوجدانى ، وتأكدت أن "لولا أختلاف الأذواق لبارت السلع" ، وأن "كل شيخ وله طريقة" ، وانا اللى كنت بنظر للمختلفين معى على أنهم عندهم شذوذ فكرى ، أصبح من العادى بالنسبة لى إنى أقول بعد نقاش طويل : أنا متفق معاك .. أنا اللى كنت فاهم غلط ، ولقيت فى عالم التدوين مجتمع مترامى الأطراف بيضم مدى واسع جدا من التيارات والمذاهب الفكرية ، واستمتعت كتير بالإطلاع على أفكار بجد كانت لاول مرة بتعرّض لها

والمدوّنة علمتنى مهارات مهمة جدا .. المهارات الأساسية لتصميم المواقع ، والجرافيك ، عرفت يعنى أيه ويب ديزاين ، ويعنى أيه لغة "HTML" وأكواد ، وقالب مدوّنة ، وسايدبار ، وإزاى أصمم قالبTemplate لمدونتى وأزاى أجيب قالب جاهز من أحد مواقع خدمات المدوّنات ، وأعدل فيه ، وأضيف الخدمات المختلفة للمدونة زى شريط الأخبار وعداد الزوار وألبومات الصور

والمدوّنة أرشيف للحياة .. أيوة طول عمرى بحلم إنى أكتب يومياتى وأهم الأحداث اللى بمر بيها ، فالحياة أحداث تمر مثلما يمر زورق على سطح نهر فيحدث مسار رغوى أبيض سرعان ما يتلاشى ولا يتبقى له أثر ، كذلك هى أحداث الحياة .. رحلة رُحتها مع مجموعة من أجمل أصدقائك أخدتو شوية صور كل صورة بتعبر عن لحظة فى عمر الرحلة ، كتبت خواطرك وذكرياتك عن اليوم ده ، ونزلتها فى تدوينة جديدة ، أولاً عيّشت القرّاء فى جو الرحلة ، وثانيا حفظت يوم من عمرك فى أرشيف أدبى بديع

لم أفكر فى إنهاء علاقتى بالتدوين أبدا .. رغم حدوث منحنيات كتير فى سنة التدوين دى ، ورغم إن نسبة كبيرة أوى من المدوّنين قررو فى وقت من الأوقات انهم يقفلو المدونة ويبطلو تدوين .. لكن عمرى ما فكرت فى ده أبدا ، بالعكس كنت بحس ان لو حياتى إتغيرت بأى صورة من الصور سافرت مثلا أو بقيت نجم مشهور أو حتى بقيت رئيس جمهورية .. هدوّن بردو

مش بس كدة .. كمان لما كان حد بيقفل مدونتة أو بيفكر يقفلها لاى سبب من الأسباب .. كنت بحس بنفس شعور واحد مات له حد قريبة او صاحبة او جارة ، ده طبعا بالأضافة للشعور المأساوى لما كانت مدوّنة تتقفل للسبب القهرى اللى ما بنقدرش نقف قدامة وهو .. الموت

قبل التدوين .. كان كل هواياتى كتابة الشعر ، وما كنش فى حد يسمع لان نادر اوى فى مجتمع الشباب إنك تلاقى شاب مهتم ومتذوق للشعر ، ويقدر ينقدك نقد بناء ، وأذكر ان فى أحد فترات عمرى كنت أذهب لمحافظة أخرى كى ألتقى بصديق كاتب ومتذوق للشعر حتى نتبادل الأراء ، دلوقت ممكن بسهولة فى أى لقاء من لقاءات المدوّنين الدورية تلاقى على يمينك شاعر وعلى شمالك متذوق للشعر ، يعنى سوق عكاظ بس بصورة حديثة

رغم إن المدونة كانت تحمل إسمى فقط فى البداية .. لكن بعد فترة قصيرة جدا كتبت مجموعة تدوينات عن أطفال الأسرة اللى هما ولاد أخواتى البنات وأطلقت عليهم إسم " المخاليل " وبقت المدونة أسمها " مدونة خالو أحمد " وبقيت بعتز انى أشهر خالو بين المدونين

أصدقائى الأعزاء .. بعد مرور عام على إنشاء مدونتى .. تقدرو تقولوا إن خالو أحمد بيتولد من جديد ، وهيتولد من جديد فى كل إحتفال بمرور عام جديد على التدوين .. وبقول انا مش بس هستمر فى التدوين إن شاء الله ، لكن دايما هدعو الاصدقاء الغير مدوّنين انهم ينضمو عالم التدوين الرائع ، وكمان بقول لكل مدوّن : التدوين روحك ومتنفسك وملجأءك ، ومدونتك هى بيتك الروحىّ ، ونافذتك على العالم فلا تمنع نفسك من التدوين وأفتح نوافذك وتمتع بنور الشمس



وأشكر كل من علق فى مدونتى وناقشنى وزارنى ونصحنى وبادلنى الرأى وشاركنى همومى وأفراحى ، شكر صادق من أعماق القلب ، وأقول لهم أنتم من صنعتم .. مدوّنة خالو أحمد



أحمد الصبّاغ

No comments:

Post a Comment