
مأساه سوداء .. لو اعتبرنا اللون الأسود بهذا السوء ، مأساه إمتدت من رغيف العيش ، الى شربة الماء ، الى تلوث الأرض والزرع ، وغش اللحوم والاغذية ، ونهب المال العام وهلاك الأرواح فى العبّارات والطرق والمواصلات ، والفساد الذى استشرى فى كل ركن وكل بقعة وكل مؤسسة وبيت وشارع وشبر أرض فى مصر
واليوم أصبح الفساد الذى ينهش مصر طولا وعرضا أصبح ملكا متوجا وحيدا بلا معارض ولا منافس ولا مصحح ، وأصبحت أصوات المعارضة بكل تيارتها الليبرالية والدينية والمستقلة أصبحت أصوات واهية لا تحرك ساكنا ، وأما رموز المعارضة الذين عقدنا فيهم بعض الأمل على التغيير فقد تم إلقائهم خلف قضبان السجون
إنها مأساه الذل والهوان ، ذل المواطن المصرى بين أهلة وفى أرضة وداخل وطنة .. مأساة طابور العيش الذى يتقاتل فيه المصريين فى أبشع ملهاة كوميدية ساخرة .. المصرى الذى علّم العالم كيف يزرع أرضة على مدى الآف السنين .. المصرى الذى يمتلك بين يدية أطول وأعذب نهر فى العالم ، وأخصب أرض فى العالم ، يتقاتل فى طابور العيش صباحا فيَقتِل أو يُقتَل ، من أجل الحصول على عشرة أرغفة وأصبحت مصر الأول فى العالم فى إستيراد القمح .. تخيلو؟؟! كيف وصل بنا الحال
تعملنا فى المدارس إن مصر من أغنى الدول بالموارد الطبيعية .. الغاز الطبيعى والثروة السمكية والتربة الزراعية والقطن طويل التيلة والسياحة وعلمنا أن مصر تمتلك ثلث أثار العالم والبترول والمياة الجوفية بالإضافة لنهر النيل والبحيرات المالحة والعذبة والسواحل الممتدة شمالا وشرقا على البحرى الأبيض المتوسط والأحمر .. بالإضافة لقناة السويس المعبر الرئيسى والوحيد بين قارات العالم القديم .. أظن إن هذة المعلومات قد حذفت من المنهاج .. لأ أظن أن لديهم القدرة بل قل البجاحة الكافية لأن يقولوا هذا الكلام وقد أصبحنا نحتل المرتبة الاولى فى الديون الخارجية بين الدول العربية ، وأصبحنا نتصدر قوائم الفقر العالمية ، وتخطنا دول كثيرة كنا نضرب بها المثل فى الفقر والتخلف ولا يسبقنا سوى الدول التى تعانى من المجاعات والجفاف والحرب الأهلية
أنظر الى كوب مياه من الحنفية .. تأمل جيدا .. وتخيل أن فى مصر أعلى معدل إصابة بالفشل الكلوى 17 فى الألف ، ومنظمة الصحة العالمية تقول أن فى مصر 12 مليون حالة إصابة بالفشل الكلوى وإلتهاب الكبدى الوبائى بدراجات إصابة متفاوتة ، ويوجد 18 مليون مصاب بالبلهارسيا وإن 54% من الأطفال مصابين بالأنيميا
ومأساة المصريين هى جزء من مأساة العرب والمسلمين المهانين والضائعين والمزّلين فى كل مكان ، مأساه فلسطين الضائعة التى لا تجد رجلا واحدا بين الحكام العرب يغير ويثور لكرامتة وكرامة الأمة المسلوبة ، ومأساه البوسنة والهرسك ، والشيشان ، والعراق وغيرها من الأعضاء المبتورة من جسم الوطن العربى الاسلامى
للأسف .. لم يبقى فى يدى ولا فى يد أحد من المصريين الشرفاء أى شئ نقوم به لإنقاذ الوطن .. لم يتبق شيئا .. ربما الشئ الوحيد المتبقى لى أن أنام وأحلم بمصر الجميلة النظيفة المتقدمة القوية المتحضرة العزيزة .. وأحلم بأهل مصر متعلمين ومنعّمين فى خيرها ، وبالقوى الجبارة الهائلة للشباب المصرى مستغلة فى صناعة واستثمار وتقنية وفكر .. لكن للأسف تسير مصر الأن نحو الهاوية الأخيرة التى تدخل بعدها فى سكرات .. الله وحده يعلم متى ستخرج منها ؟
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment