Saturday, August 28, 2010

مأمأة البصل

الهدايا – أى هدايا فى الدنيا – تشرح القلب وتفرح العين سواء كان غلا ثمنها او خف حملها فهى الشئ الوحيد الذى يشعرك بأن لك أهمية عند بعض المغفلين.. وبأن هناك شخص قد وضع يديه فى جيبه – بإرادته – وهو أمر عسير هذه الأيام – لكى يشعرك بسعادة ما..

ولكن هناك أنواع عجيبة من الهدايا تأتى بها أنواع عجيبة من البشر وهم يبادلونك نظرات عجيبة مثل الأنواع الأتية :

اختك تجيب لك جوزين شربات وهى تنظر بأسى إلى أصابعك الذى تطل من ثقب الشراب.

صديقة تجيب لك (زبدة كاكاو) وهى تنظر بأسى إلى شفايفك المتشققة.

أمك تجيب لك (علبة كريم) وهى تنظر بأسى إلى يديك المقشفتين.

صديق يجيب لك (فلاية) وهو ينظر بأسى إلى شعرك.

وقديماً قالوا بصلة المحب خروف، فتجد أن كل معارفك قد اعتبروا أنفسهم من نوعية (محب) وأتوا جميعاً وهم يحملون بصل، وتخيل عندما يعطيك صديقك بصلة وهو يبتسم ويقولك كل سنة وانت طيب يا أغلى الناس، وصديقتك وقد أجزلت العطاء وتعطيك بصلتين (مرة واحدة) وطبعاً لإنهم (محبين) فيجب أن تستمع إلى (مأمأة) هذا البصل الخروفى فى سعادة .

صحيح إننى على مدار حياتى أفرح بالهدايا المادية مثل زجاجات العطر والملابس والأجهزة والعزومات أكثر من الهدايا المعنوية مثل الكروت والورود والحاجات اللى ما بتأكلش عيش دى، لكننى إكتشفت أن هذه الهدايا المعنوية 

هى التى تدوم وتظل ذكرى جميلة لناس غالباً لم يعودوا فى حياتك، كلماتهم تبقى ورائحتهم تظل فى الأوراق والكروت، وتوقيعاتهم المؤرخة تحفظ الزمن فى كارت صغير، لذا فأنا لدى ما أسميه (درج الذكريات) يضم مئات من الهدايا التذكارية والأوراق والكروت والصور الشخصية (آه نسيت أقول إن كل أصدقائى عبر التاريخ من النوع الفقرى بتاع الهدايا المعنوية) وكل عام أفتح الدرج وأسترجع الذكريات؛ ما عدا الذكريات الأليمة أتجاوزها.. لإنى مش غاوى عكننة.

والسؤال الذى يطرح نفسه على رأسى فى كل عيد ميلاد هو :
هل ينبغى أن نهنئ الشخص الذى زاد عمره عاماً أم أننا يجب أن نواسيه على هذه المحنة؟
والحقيقة التى يجيب بها عقلى الباطن دائماً أن زيادة عمر الإنسان عاماً هى كارثة محققة.

وتخيلت لو أدرك الناس هذه الحقيقة فصار تقليد عيد الميلاد أن يقوم الشخص بعمل صوان يشبه صوان العزاء ليتلقى التعازى فى ذكرى ميلاده ويبدأ الأصدقاء فى مواساته على تلك السنة الضائعة من عمره قائلين :
البقية فى حياتك يا أخى ولسه فى سنين باقية فى عمرك ما تزعلش وشد حيلك.

لأ فكرة بايخة..
حتى لو كان الإحتفال بعيد الميلاد نوع من أنواع التغفيل فسيظل حدثاً جميلاً خلال العام أنتظره من العام إلى العام، وأترقبه كلما دقت عقارب الساعة قائلة: إن الحياة دقائقُ وثوانى.

أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment