Monday, November 24, 2008

خوازيق المحــبة

القط بيحب خنّــاقة .. ومفيش حـــلاوة من غير نار
أمثال شعبية قالوها أجدادنا  الذين أستوعبوا جيداً أن للحب "خوازيق" مصاحبة له .. فلا حب بدون "خوازيق" ولا صدق مشاعر بدون " ذمبئة " فالمحب الشرقى دائماً يفترض أنه قد إشترى محبوبه "لوكشة واحدة " أشترى قلبة وعقلة وجسمة وأفكارة وحريتة وأشياءه واهلة واللى جابوه

وبالتالى لا يقبل المحب الشرقى أن تقوم " سلعته" التى إشتراها مقابل "الحب" بفعل ما لا يتوافق مع هواه .. وأن يرى "بضاعته" التى دفع فيها "دم قلبه" تحدّث زبوناً آخر أو تعتنق "سلعته" أفكارً مخالفة لإفكاره

وفى بلادى .. عندما تولد أولى لحظات الحب فى أول لقاءات العيون تولد معها "العكننة" وتكون من النوع "الرضيع" وتظهر فى صورة ضيق إذا تكلمت المحبوبة مع شاب أخر .. أو إذا وقف المحبوب مع بنت اخرى  .. ثم تنمو "العكننة" و تكبر شيئاً فشيئاً حتى تصير مع أول أيام الزواج .. كائناً مكتملا يستطيع أن يمارس عمله بنجاح

و " للخوازيق العاطفية" صوراً وأمثلة كثيره ربما لا تحصى أو تعد .. فالمعاكسة التليفونية التى يقوم بها المحبوب ليختبر إن كانت حبيبته تتحدث مع أغراب أم لا .. هى " خازوق عاطفى " من النوع الخفيف .. والفستان التى تطلب المحبوبة شراءه رغم عدم إحتياجها له هو أيضا " خازوق غرامى" لإختبار مدى قوة الحب والطاعة

ويمثل الأهل دائماً فى مشوار الحب " خازوق محبة من النوع المحترم" فما أن يصل الحب إلى منطقة النور ويعلم أهل كلٍ من الطرفين بوجودة حتى تبدأ مرحلة " تبادل الخوازيق" .. وتحدث عملية " تراشق بالخوازيق" فيطلب هؤلاء مهراً ضخماً .. ويطلب أولئك عفشاً باهظاً .. وشبكة غاليه .. وشقة فخمة .. وقائمة منقولات .. الخ الخ

وعندما تناقش المُحب فى نظرية " الخوزقة" يتنحنح ويعتدل فى جلستة وبرد عليك بثقة مؤكداُ إنه يفعل ذلك كدلالة على حبه الشديد لمحبوبتة وإنه لا يستطيع أن يحيا بدونها يوماً واحداً .. وإن صمودها أمام "خوازيقة المتكررة" تعنى أنه غالٍ وثمين لديها .. اى ان خوازيقة لا تتعدى كوْنها "خوازيق صديقة" فقط

وتلعب "نظرية المؤامرة" الدور الأكبر فى "إستراتيجية الخوزقة" فالظن السئ هو دائماً الصديق الصدوق للحب .. وكل حركة ولفتة وكلمة يقوم بها المحب الشرقى تعنى بالتأكيد إنه "عامل عاملة" وإنه بيدارى أمر ما .. ولابد من كشفة عن طريق " خازوق عالماشى" فتبدأ المحبوبة بالتفكير العميق فى "العكننة" عليه .. أو بالاتفاق مع صديقتها عمل خطة مضادة لكشف نواياه .. أو بالرجوع الى "المرجع الخوازيقى الأعظم" اللى هى أمها فتنظر الأم فى هدوء ولا مبالاه وتقول من الكلام ما قل ودل .. فتنفجر المحبوبة من السعادة من نصائح أمها وتجرى لتنفذها فوراً

أما الحب فى بلاد الشمال .. بلاد الرياح الباردة والثلح .. فى أوروبا والدول المتقدمة .. فإنه حب "خالى الخوازيق" .. "حب بلا خوازيق" أو هو " حب نادر الخوازيق"  أحياناً ..فالأحبة فى بلاد الشمال لا يقتنصون من الدنيا إلا كل ممتع وجميل .. الدلع .. والفسح .. والسكس .. والرومانسيات .. الخ
فتجد المحبين والازواج فى اوروبا يعملون طوال العام لجمع مبلغ من النقود .. ينفقونة فى الاجازة الصيفية فى الذهاب إلى الصين لرؤية سور الصين العظيم أو الذهاب لروما لمشاهدة برج بيزا المائل أو الذهاب الى باريس لمشاهدة برج إيفل أو للذهاب الى مصر لمشاهدة طابور العيش وهكذا

لا زال الحب فى مجتمعنا الشرقى يعانى أمراض مزمنة ترسبت عبر آلاف السنين ..وآلاف الصعوبات التى نواجهها يومياً فى توفير قوت اليوم .. وفى طابور العيش .. وفى المواصلات .. وفى الجمعية التعاونية .. وفى البحث عن فرصة عمل .. ومسكن .. وعفش .. وهكذا حتى فقد الحب الكثير من تسامحة وصفاءة وإخلاصة وتبقى فيه الكثير من خوازيق المحبة
أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment