Wednesday, June 3, 2009

جمهــورية مصر الأوباميـــة

شعور رهيب بالمهانة والذل إجتاحنى وأنا أقف اليوم فى وسط الميدان الواسع أتابع إجراءات التنظيف والتلميع التى تُجرى على قدمٍ وساق ، وجموع المسئولين والظباط ولفيف من نواب الشعب الذين لم نراهم أبداً على الطبيعة ، يهرلون خلف العمال لمتابعة كفاءة النظافة والعمل ، ولودر ذو حامل يرفع كائناً بشرياً يقوم برش ودهان جسم الكوبرى باللون البرونزى اللامـع ..

ليست هذه نوبة نظافة أُصيبت بها الحكومة ، ولا صحوة ضمير مفاجئة أتت للذين شوهوا مصر وجعلوها عبرة لمن يعتبر ، ولا حالة شفقة تجتاح ذوى المناصب تجاه المواطن الذى "يكح جاز" و يتنفس " بلك أسود" .. وإنما
هى إجراءت إستقبال الرئيس الأمريكى الجديد "باراك أوباما" فى زيارته للقاهرة ..

نعم .. الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" الذى أعلن فى أول يوم لترشيحه صراحةً " أنا صديق إسرائيل" .. والذى أتى ليستكمل مسيرة دموية بدأها سابقــوه فى فيتنام وأفغانستان والعراق والسودان ، ولكن ببساطة فإن الرئيس الجديد " حب يعمل تغيير" .. ويضع السم فى العسل .. بدلاً من تقديمة سماً خالصاً نقياً مصفى كما كان يفعل سابقــوه ..
أراد أن يداعب مشاعر ضحيته – اللى هو إحنا – التى أصابتها "هيستيريا الحرية الأوباميــة" المزعومـة منذ توليه الحكم  ..
زاطـت مصر زيطة ليست لها مثيل ..
وزاط العرب والمسلمين بهستيريا أوباميــة مجنونـة ..
وزاط العرب والمسلمون فى نوبة هيستيريا أوباميــة ..
وأعلن البعض أن رئاسـة أوباما نصرةً للإسـلام والمسلمين ..
وأطلق عليه البعض " الرئيس المسلم " مخدوعـين فى "حسين" التى تتوسط إسمه ..

نعم .. تتدفق فى عروقى دماءاً تغلى ، وأعصابى محروقـة مهترئة .. وأنا أرى مصر تصل لتلك الدرجة من العشوائية والغوغائيــة ، وتصبح بحق ربنا "تكيــة" وليست جمهورية ..
تكية .. بسير بكلمة ناظرها .. فى ظل غياب صاحبها .. تقف بإشارة من يد الناظر .. وتنام عشرات السنين بإشارة أخرى ..

نعم .. لا يستحق المصرى أن يرى شوارع مرصوفـة وجميلة ، ولا كبارى نظيفة مدهونة ، و لا حدائق منسقة وزاهية .. ولكن يستحقها فقط المسئولون حين يمروا عليها .. ويستحقها سيد العالم وتاج رأس العرب .. السيد أوباما

المأساةُ هائلة وفادحــة .. ويمكنك أن تدرك حجمها حينما تعلم أنهم يرصفون الطريق رايح فقط ، ويتركون " الجاى" قذراً ومليئاً بالمطبات والزبالة لإن الرئيس أوبما لن يمر به ..
يدهنون جسم الكوبرى من جانب واحد لإنه الجانب المُعرض لـ نن عنيين الرئيس الضيف .. أما الجانب الآخر الذى لن يراه سوى المواطنون .. فالخرى والبول والرائحة القذرة هى المتاح فقط لـ نن عنين المواطن .. كفاية إنها بتشوف أساساً

نعم .. نحن الشعب المصرى الذى يلتف كل ليلة حول "قناة المحور" فجعلنا لمصر "دوراً محورياً" .. جعل أوباما يختارها ليلقى خطابه للعرب والمسلمين من منارتها .. وكنت أتمنى أن يمر أوباما من "أول المحور" ليتنسم الرائحة القذرة التى هى عبارة عن خليط من نواتج دبغ الجلود ومقالب الزبالة ومزارع الخنازير والتى تتوارد وفيرة إلى رئات المصريين ..

نعم .. أخذتُ وأخذَ معى ألألاف والملايين من العاملين بالشركات فى وسط البلد والجيزة والقبـة .. أخذنا الخميس أجازة .. حتى يكون الرئيس الأمريكى فى مأمن من شرورنا وأشكالنا الضالّة التى تقطع الخميرة فى البيت .. من فرحتى بأجازة يوم الخميس .. وتعبيراً عما يجيش بصدرى تجاه الزيارة الأوبامية للتكية المصرية أفكر فى تنظيم مسيرة سلمية لأبناء شركات وسط البلد رافعين لافتات مكتوب عليها " كلــــنا بنــاخــد فــيها " .. لأ ..  بناخد أجازة يعنى فى شركات وسط البلد ..

نحن دولة لا تُحكـم بالقانـون ولا يسيطر عليها نظام ولكن تكــية يحكمها زمرة من " نظـّار العزبة" .. وناظر العزبة حين يستقبل ناظر عزبة أخرى من حقة أن يطرد بعض الأشكال الضالة من عزبته .. ويعطى الفلاحين أجازة يوماً حتى ينعم "الناظر الضيف" بهدوء العزبة..

نعم .. يأتى أوباما وتأتى معه أنفلونزا الخنازير إلى مصر ، وهى - لو تعلمون - جزء من كل ، وياليتها تقف على أنفلونزا الخنازير ..
سيأتى أوباما ويأتى معه المزيد من التطبيع مع المحتل الصهيونى ..
ويأتى أوباما وتأتى معـه مزيد من التحكمات والتدخلات الأمريكية فى شئون بلادنا العربية ..
ويأتى .. وتأتى معه إشادة بالديمقراطيــة المصرية ، وترحيباً بالتوريث ، وذمّــاً فى المعارضـة والإخوان المسلمين والتيارات الدينية ..

يا مرضى الحرية الأوبامية أفيقوا ..
فما أوباما إلا "بوش" آخر ، و"كلينتون" آخر ، و"نيكسون" آخر ..
وما هو إلا وجـه وسيم من وجوه الإخطابوط الكاسر الذى يلف عالمنا العربى المنكسر بأصابعـهِ الملوثة بدماء أطفالنا ونساءنا فى القدس وكابول وبغداد ..

ليت لدينا "شيخ إمام" آخر ليغنى مع عم "نجم"  لـ أوباما ، ما غناه لـ نيكسون عندما زار مصر عام 1974
شرفت يا نيكسون بابا يا بتاع الووترجيت
عملولك قيمة وسيما سلاطين الفول والزيت
فرشولك أوسع سكة من راس التين على مكة
وهناك تنفذ على عكا ويقولوا عليك حجيت
ما هو مولد ساير داير شيلاه يا صحاب البيت
جواسيسك يوم تشريفك عملولك دقّة وزار
تتقصع فيه المومس والقارح والمندار
والشيخ شمهورش راكب عَ الكوديا وهات يا مواكب
وبواقي الزفة عناكب ساحبين من تحت الحيط
ما هو مولد ساير داير شيلاه يا صحاب البيت
عزموك فقالوا تعالى تأكل بامبون وهريسة
قمت انت اكمنك مهيف صدقت ان احنا فريسة
طبيت لحقوك بالزفة يا عريس الغفلة يا خفة
هات وشك خدلك تفة شوبش من صاحب البيت
واهو مولد ساير داير شيلاه يا صحاب البيت
خذ مني كلام يبقى لك ولو انك مش حَ تعيش
لا حَـقول أهلاً ولا جهلاً ولا تيجي ولا ما تجيش
بيقولو اللحم المصري مطرح مابيسري بيهري
ودا من تأثير الكشري والفول والسوس أبو زيت
واهو مولد ساير داير شيلاه يا صحاب البيت
صدقونى الموقف صعب عليَّّ ..  وأنا أرى بلادى لا تستيقظ من ثباتها العميق ولا تقف على رِجل واحدة إلا لتقوم بـ " تسييق" الشوارع لأجل زيارة الرئيس الأمريكى ..

أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment