Thursday, September 24, 2009

المانيكان العريان



من لم يمر من أمام محلات "رشدى" بشارع المنيل، و"أبو الفتوح" بدار السلام، وشوارع وسط البلد، فهو فى عصمةٍ من أمره، وعليه بالزواج بسرعة قبل أن يقع فى الخطيئة مع مانيكان..

إيران فرضت الحجاب الشرعى على المانيكان، وقديماً قالوا الطعام عورة، ولا يجوز أكله إن كان مكشوفاً، وكان الرجل قديماً يستحى إن رأى سلكة كهربا عريانة، أما الآن فالأسلاك تقف عريانة فى قلب الطريق العام بلا حياء.

ولى صديق تعود أن يذهب للوقوف أمام محلات رشدى يوم الخميس، قبل أن يفتح الله عليه ويعمل فى محلات أبو الفتوح، وكانت عفاف جارتنا تقتنى مانيكان فى منزلها من بقايا نكسة 67 ولم تتزوج عفاف حتى الآن رغم أنها مخطوبة من قبل النكسة ثم علمنا أن المانيكان رجالى، وأن خطيبها قد هاجر إلى ليبيا بعد حرب أكتوبر التى تم تحطيم مانيكانات البلد فيها..

وإذا طُبقت هذه القرارات فى مصر، فسنسمع أن الشرطة "الذكية" قد قامت بالقبص على خمسة مانيكانات بتهمى التعرى، وجارى إجبارهم على الإعتراف.

وحيث أنهم فرضوا الحشمة على المانيكان فى إيران، وفشلنا نحنُ فى فرضها على البنى أدميين، فيمكن للمواطن العادى أن يكتفى بمشاهدة حفلات بورتومارينا دون اللجوء لمانيكانات محلات رشدى.

واليوم جاءنى صديقى فى قمة الفرح وبشرنى بخبر سعيد فقد إستطاع أن يمتلك مانيكان تمليك.. إشتراه من محلات أبو الفتوح.

أحمد الصباغ

Monday, September 21, 2009

تبرع ولو برنجة



يأتى عيد الفطر ويأتى شم النسيم وتأتى معه الرنجة والسردين ويأتى الليمون والبصل الأخضر فتنتابنى نشوة المشتاق وأهيم على وجهى فى الأرض ولا يسع الكون سعادتى وفرحتى، فلا ترى عينايا من المكنونات سوى الطبق التى تتمدد فيه الرنجاية كعروس النهر الذهبية، ويرصعها الليمون بلون الأصفر المخضر، وويقف البصل الأخضر بشواربه كالأسد، وتبدو الرنجاية كملكة متوجة يحيط بها الحرس يميناً ويساراً..

وغالباً ما ينتهى المشهد بوجهى ملطخاً بآثار المعركة، تعرفنى بسيمايا من أثر الرنجة والسردين، نشواناً هيمان.. لا أبتغى من الدنيا سوى كوباية شاى كشرى خمسينة ، لكى أحبس بها، وسط دهشة وصدمة الأسرة المسكينة، وإمتعاض أطفال العائلة من هذا الـ "خالو" المجنون، ودعوات أمى بالشفاء العاجل.

أصدقائى الأعزاء جداً..
من اللطيف أن يعيش الإنسانُ العمر مرتدياً كرافتة "شيك" وبدلة أنيقة، وأن يمارس الحياة بالشوكة والسكينة، ومرتدياً ثوب الوقار مع إبتسامة الرسمية.. لكن من الأجمل أن "يلغوص" الإنسان فى خضم بحر الحياة، وأن يعيشها بتلقائية وسذاجة، فالحياة لا تأتى لا مرة واحدة، والرنجة لا تأتى إلا مرتين..

أحمد الصباغ




Friday, September 18, 2009

وداع رمضان والفرحة الأورديحى



تم البدر بدري
والأيام بتجري
والله لسة بدري
والله يا شهر الصيام

فى آخر أيام رمضان تطرأ على المصريين تغيرات موسمية كتلك التى تطرأ عليهم قبل رمضان بأيام..

فالمصريون يرون فى كافة المناسبات موسماً للشراء، رمضان لشراء السلع والخزين، والعيد لشراء الملابس الجديدة والكحك والغريبة و – لامؤأخذة – البيتيفور والبسكويت وهكذا فإن المصريين حولوا بقدرة قادر كافة المواسم إلى مواسم للشراء لا للعبادة أو التهانى أو الفرحة خالية الدسم.

المصريون لا يمؤمنون بالفرحة الأورديحى..
تلك الفرحة الخالية من الأكل والسمن والزيت والسكر واللحمة والياميش والقمر الدين والعصائر والكحك والبسكويت والملابس واللحمة والسمك والسردين والرنجة والبصل.

لا نفرح إلا إذا كانت الفرحة متغمسة بلحمة ضانى، ولا نفرح إلا أن نبلع وراء الفرحة شفطة من قمر الدين أو العرقسوس، ولا نفرح إلا إذا إرتدينا ثياب الفرحة الجديدة المبتاعة من شارع الشواربى و 26 يوليو والعتبة والموسكى، ولا نفرح إلا إذا مسكنا بين أيدينا حلويات الفرحة ومضغناها بأسناننا.

الفرحة بتعريفها الفطرى لا تتضمن أى أدوات غذائية بل هى فرحة الأهل والأحباب والأصدقاء وهى فرحة الطبيعة الجميلة وفرحة المواسم الطيبة وفرحة العودة للعام الجديد والعيد الجديد ورمضان الجديد والموسم الجديد.

لكن إذا عزّت الفرحة وصارت صعبة وبالغة المحال كان لابد من تقديمها فى طبق مرصع بالياميش ومحوط بكحك العيد ومبطن باللحوم المشوية حتى يتثنى لنا تذوقها.

أهم مظاهر عيد الفطر فى مصر :  
1-         صلاة العيد فى جامع عمرو بن العاص.
2-         صوانى كحك العيد والغريبة والبيتيفور والبسكويت .
3-         الملابس الجديدة للأطفال والمراهقين ولازلت أذكر بدلة الظابط التى كنت أحلم بها فى طفولتى، حتى كبرت وبدأت أكرهها كلما رأيتها.
4-         التحرش : وهو السمة الرئيسية لشوارع وسط البلد والشوارع المزدحمة فى السنوات الأخيرة خلال أيام العيد.
5-         الباعة الجائلون : وتعتبر أيام العيد موسماً للشراء ويرتاح غالبية المواطنين للشراء السريع نظراً لزحمة المحلات لذا فإن الباعة الجائلين يتكاثرون بشدة فى تلك الأيام.
6-         المتسولون أو (الشحاتين) وفى أيام العيد ينقسم الشعب المصرى إلى قسمين بالتساوى تقريباً.. مواطنين، وشحاتين.. ويطلب القسم الثانى (حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة) من القسم الأولانى، ويقوم القسم الأولانى بالشخط أولاً فى القسم الثانى ثم بعد ذلك يخرج الحسنة ليعطيها بإيدٍ خفية إلى القسم الثانى الذى سرعان ما يجهش بالدعاء للقسم الأولانى.
7-         الزحمة : وفى العيد يأتى البشر من كل فجٍ عميق إلى حديقة الحيوان والأزهر والأورمان والفسطاط والقلعة وكوبرى عباس وقصر النيل والجامعة وكافية الحدائق والكبارى والسينمات والميادين والكافيهات، وهى فرصة جيدة للصوص لكى يقوموا بعملهم فى المنازل الخالية.

بينما نستمتع بجو رمضان الجميل بتراوحيه وفوانيسه وكنافته وقطايفه وشوارعه المضيئة بمصابيحه إذا فجاءة أسمع صوتاً ينادى :
لا أوحش الله منك يا شهر الصيام

فيحزم رمضان شنطته ليرحل ، واعداً أيانا أن يأتى فى العام القادم، لكن لا ندرى من سيظل فى إنتظاره، الحياة، ومن سيأتى رمضان فى العام القادم فلا يجده.

تم البدر بدري
والأيام بتجري
والله لسة بدري
والله يا شهر الصيام

كلمات نرددها بحزن مع أواخر أيام شهر رمضان الكريم، ولا ندرى كيف مر هذا الشهر العظيم هكذا كلمح البصر إلا حينما نقرأ الأية "أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ" فنزرف الدمعات على رحيل أيامه المعدودات الجميلة.. سائلين الله أن نكون من المحظوظين ببلوغ رمضان القادم.

أتمنى لكم عيداً سعيداً طيباً دسماً خالية من الزحمة والتحرش


أحمد الصباغ

Wednesday, September 16, 2009

متى يبدأ التحـرش فى مصـــر ؟

يبدأ التحرش فى مصر عشية ليلة عيد الفطر المبارك، حيث تقبل أفواج المتحرشين من كافة أنحاء مصر المحروسة إلى وسط البلد أفواجاً من كل فجٍ عميق، حاملين على أكتافهم كبت الأيام الثلاثين الماضية، وتاركين ورائهم صلاوات التراويح والتهجد والقيام، وصيام الشهر الكريم.

وتتدفق جموع المتحرشين عبر ميادين التحرير وطلعت حرب مروراً بشوارع وسط البلد الرئيسية والفرعية، فى حالة نشوة متحرشين بكل ما يحمل فى إسمه تاء مربوطة حتى لو كانت (سيارة) وبكل ما يضم نون النسوة، وبكل فستان أو بلوزة أو جيبة وبكل ما يحمل فوق رأسه شعراً طويلة (حتى لو كانت مقشة معدية) ويتم ذلك فى تناغم عجيب، وخبرة عالية لا ندرى كيف ومن أين تم إكتسابها، رغم أن التليفزيون المصرى لم يقدم حتى الأن برامج مباشرة لتعليم التحرش.

على ناصية شارعنا.. وقف خمسة من رواد التحرش فى مصر، يحلمون بليلة العيد، ويرسمون أمالاً عريضة لقضاء ليلة تحرشية عالية المزاج، ويسترجعون فى تلذذ ذكريات العام التحرشى الماضى، وراح كلٌ منهم يستعرض قدراته ومهاراته فى التحرش بكفاءة لا يضاهيه فيه متحرش.

بينما على الفيسبوك قام شباب مصرى آخر بإنشاء جروباً عالمياً لحملة "عيد بدون تحرش" وترفع الحملة شعار "هعيد وهفرفش بس مش هتحرش" وربما يجهل هواة رياضة التحرش كيفية الجمع بين "التعييد" و"الفرفشة" مع "عدم التحرش".. حيث أصبح التحرش عبر أكثر من عشر سنوات ماضياً جزأً لا يتجزأ من كينونة العيد.. وصار العيد بدون تحرش لديهم ماسخ.. مثل الطبيخ بدون لحمة.

رياضة التحرش فى مصر.. جزأ لا يتجزأ من الواقع الماسخ المُمسّخ الباهت الضائع التائه العجيب المؤسف الذى تحياه مصر فى تلك الفترة السوداء من عمر الزمان.

فإن مصر كما تأكل الخضروات الشهية.. مروية بمياه – لامؤاخذة – المجارى، كذلك فإن مصر أصبحت فى السنوات الماضية تعيش العيد الجميل مرصعاً بحوادث التحرش المخزية.

أصدقائى الأعزاء..
أعلم أن المتحرشين لا يقرأوون غالباً ما أكتب، وربما لا يدخلون على الإنترنت أساساً إلا للتحرش الإلكترونى، ولهذا حديث أخر، وأظن – وليس كل الظن إثم - أن قراء هذه السطور لا يتحرشون، لهذا – ولهذا فقط – لن ألبس ثوب الحكمة وأدلوا بالنصائح، لكننى سأتمنى لكم:
عيد بدون تحرش

وكل عـــام وأنتــــم بخـــــــــير..
أحمد الصباغ

Sunday, September 13, 2009

بكام الغشاء إنهاردة ؟

الموضوع شائك وحرج وإحنا فى رمضان، لكن المثل يقول "إللى يتكسف من بنت عمّه ما يجبش منها غشاء" .. إنما تستطيع قريباً أن تحصل على غشاء من الصيدلية وبتلاتة وتمانين جنيه بس.
بعد الاعلان عن قرب توفر غشاء بكارة صناعى لأول مرة فى مصر أصبح من الممكن لأى مواطن عادى أن يشترى غشاء إنثوى من إنتاج الصين غير شامل التركيب والضمان.. إلا أن البيع فى الاسواق المصرية قد تأجل إلى ما بعد شهر الصيام، لكى لا نفقد بهجة العيد.
وبعدما أنتجت الصين لزوام إنثوية خارجية، رموش، وعدسات عيون، وشعر، وسيليكون.. أصرت العبقرية الصينية على المساهمة فى الدواخل، وربما تحل الصين مشكلة رجال كثيرين قريباً، وبهذا نضمن أن يتحسن النسل، ويولد طفل كل فيمتوثانية.
دكاترة الممنوع زعلانين.. ووجدوا أن الصين الشعبية تحاربهم فى لقمة عيشهم الحرام، ومحتمل أن نسمع قريباً عن إضراب دكاترة الترقيع أمام نقابة الأطباء يطالبون فيه تشجيع الصناعة المصرية ورفع الضرائب على المستورد.
كما أن مظاهرات عارمة ستجتاح شوارع جامعة الدول العربية والهرم والعريش لمطالبة الحكومة بدعم المنتج، على أساس أنه سلعة أساسية مثله مثل الزيت والسكر والسمن، ومطالبة وزارة الشئون الإجتماعية بإضافة الغشاء على التموين، وربما تجد أسرتين بيتكلموا فى جواز ومهر وشبكة وعفش ثم يسأل سائل : والغشاء على مين؟
وبما إن الشارع المصرى أصبح الآن شارع فتاوى، فتوقع يا عزيزى المواطن الغلبان أن تنهال عليك فتاوى من كل نوع ولون.. فتاوى دينية تجرم، وفتاوى تبيع بشروط، وفتاوى تبيح بدون قيد، بالإضافة إلى فتاوى دغيدية (من إيناس الدغيدى) تذم فى المجتمع المتخلف الذى يرفض الترقيع على الطريقة الصينية.
فى الصين إنتشرت إعلانات الغشاء فى الشوارع على غرار :
- إستعيدى عذريتك فى خمس دقائق
- المنتج التكنولوجى الراقى
-سرك المفزع يختفى للأبد استعيدى عذريتك بخمسة عشر دولارا
-بلا جراحة، أو حقن، أو أدوية ولا آثار جانبية بخمسة عشر دولاراً فقط
أما فى القاهرة فأعتقد أن أخلاقنا لن تسمح لنا بمثل هذه الإعلانات الوقحة، ولكن قد تفتح التليفزيون فتفاجئ بصوت (طارق نور) يناديك :
- الغشاء.. مصلحتك أولاً
هذه هى حضارة الغرب.. وهى حضارة منزوعة الحياء.. نستوردها نحن فى صورة سينما، وموضة، وأعضاء جنسية صناعية، وأخيراً غشاء.
فمتى تزيل الحكومة المصرية الغشاء عن أعينها، قبل أن تفقد مصر عذريتها.
أحمد الصباغ

لأول مرة أغشية بكارة صناعية فى مصر

Friday, September 11, 2009

ياميش حاجة تيجى كدة

 

أنا من المواطنين الياميشيين.. الذين يحلمون بالياميش طوال العام، ثم عندما يأتى رمضان يكتشفون أن الياميش المتوفر هو عيار 24 .. عين الجمل وصل 50 جنيه والبندق 45 جنيه واللوز 40 جنيه والفزدق 70 جنيه بينما الكاجو ولامؤاخذة 90 جنيه، فيأكلون الياميش أحلاماً مع الملايكة مثل الأرز.

حتى إذا رأيت الفول السودانى تجدد الأمل الياميشى بداخلى.. حيث أن السودانى فى غير رمضان يصنف كتسالى وفى رمضان يعد من الياميش.

والسودانى رخيص وفى متناول بؤ المواطن العادى الذى ينتهى مرتبه يوم واحد فى الشهر الساعة تلاتة ونص العصر ويستكمل باقى اليوم على الحديدة، ثم يبدأ فى إمتهان الشحاتة باقى أيام الشهر.

حلو أوى.. فاضل جوز الهند ويمكن عمل صينية كنافة، وجارى البحث عن (جوز هند) الذى ذهب إلى الكويت قبل حرب الخليج بشهر، وذهبت هند نفسها تبحث عنه فى العراق قبل غزو العراق بشهر، فلا عادات هند، ولا عاد جوز هند، ولا نامت أعين الجبناء.

صديقى المواطن الياميشى..
لا تحزن.. وإذا رأيت الياميش متألقاً فى المحلات، فقل له : موعدنا الجنة.

أحمد الصباغ

Saturday, September 5, 2009

رسالة جمال مبارك الإفتراضية إلى عبد الله كمال رئيس تحرير روزاليوسف

كتب مجدى الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم هذه الرسالة الإفتراضية من جمال مبارك إلى عبد الله كمال
الأستاذ عبدالله كمال، رئيس تحرير جريدة روزاليوسف
طالعت بمزيج من الأسى والحزن مقالكم المنشور بالصفحة الأولى من عدد أمس الأول، بعنوان «تلفيقات كاتب مصرى.. هل يجب أن يولد السياسى فى العشوائيات؟»، وكان واضحاً للوهلة الأولى أنك تدافع عنى فى مواجهة هجوم «اعتدت عليه» من الأستاذ إبراهيم عيسى.. ولأننى أكتب لك رسالة ليست للنشر دعنى أصارحك بما منعنى خجلى عنه سنوات عدة، إذ أيقنت ـ ربما بعد فوات الأوان ـ أن الصمت على «الصغائر» فى السياسة يصنع جبالاً من الأخطاء، وأن بقعة واحدة فى ثوب يريده صاحبه بلا أدران كافية لأن تجعل صورته شديدة القبح.. ففى العمل العام، لا تتوقف بقعة عند حدودها، وإنما تتسع، وتتسع، فنصمت ونتجاهل.. فتتوحش، حتى تأكل الثوب كله، وأنا لا أريد أن يصبح ثوبى ملطخاً بالأدران و«التقيحات»!.
فى البدء.. أؤكد لك أننى أعرف دوافعك فى الدفاع عنى والهجوم على من يهاجمنى.. فقد سألت عنك وعن «سيرتك ومسيرتك»، فأيقنت أن ما تفعله الآن شديد الاتساق مع تاريخك، وأنا لا أنكر على مثلك طموحه السياسى والصحفى، بل لا أنكر عليك اللجوء إلى أقصر الطرق نحو أحلامك، مهما كانت الوسائل.. ولكن ألا تتفق معى فى أن سعيك نحو تحقيق طموحك ينبغى ألا يكون على «جثتى»، ألا ترى أنك تتغذى على دمى، وتنمو من لحمى، وتزداد ثراءً على حساب اسمى وسمعتى؟!
كل المحيطين بى يطرحون علىّ نفس الأسئلة كل صباح: ما علاقتك بهذا الـ«عبدالله كمال».. هل هو أحد رجالك.. لماذا يتفنن فى صناعة أعدائك.. وكيف يمنح خصومك المزيد من الاحترام.. وهل تدرك أنه يزرع كل يوم فى نفوس الناس كراهية فوق كراهية ضدك.. لماذا تصمت على قلم يدعى أنه يمثلك ويعبر عنك، بينما يسحب من رصيدك عند الجميع.. كيف تسكت على زعمه الدائم بأنه «قلمك وكاتبك» فى الصحافة، ألا ترى أن هناك من هم أكفأ وأنقى وأكثر احتراماً، حتى لو كانوا من كتبة الحكومة؟!
الأستاذ عبدالله كمال: من كلفك بالدفاع عنى.. من قال لك إنك مؤثر ولديك مصداقية، كى ترسم صورتى عند الناس.. ما أعرفه أنك ترفع من تهاجمه إلى عنان السماء، وتخسف بمن تمتدحه سابع أرض.. إذا «شتمت» شخصاً رفعته فى نظر الناس، وإذا دبجت مقالات الإشادة بآخر نال كراهية الجميع.. وحين وجهت فى الجريدة للسيدة جميلة إسماعيل اتهامات حقيرة لا يرضى عنها أحد لأخته أو لأمه أو لزوجته أو لابنته، شعرت يومها بالتقزز و«القرف»، ولكن الأهم أنك حققت لجميلة إسماعيل وأيمن نور أعلى درجات التعاطف فى الشارع المصرى، كان ما كتبته عن «جميلة» هدية لها، وطوبة غبية أصابت رؤوسنا جميعاً..
الشىء نفسه فعلته مع شخصيات كثيرة: هيكل.. سلامة أحمد سلامة.. منصور حسن.. حسب الله الكفراوى.. أسامة الغزالى حرب.. وآخرين.. كل الشخصيات التى يحترمها الناس هاجمتها بأسلوب متدن، فازداد احترام المواطنين لهم، وازدادت كراهيتهم لنا.. وفى كل «سقطة» لقلمك يردد الجميع ما تحاول أنت ترويجه «إنه كاتب أمانة السياسات بالحزب الوطنى!».
الأستاذ عبدالله كمال: نحن نعمل فى السياسة، ونحاول الحصول على ثقة الناس، وأنت وغيرك ممن تحيطون بنا تدركون ـ قطعاً ـ أن المعارضة عنيفة، وأن المشاكل والأزمات تضغط على المواطن المصرى وتؤثر على علاقتنا به، غير أن «أمثالك» أخطر من المعارضة والمشاكل بل و«الإخوان المسلمين» أنفسهم.. وأصارحك القول أننا لم نعد نمتلك رفاهية احتمال «الطفيليات» والباحثين عن المصالح.. وليس لدينا مانع من أن تعيش أنت و«أمثالك» فى طرقات الحزب، ولكن دون أن ندفع نحن الثمن!.
الأستاذ عبدالله كمال.. ألتزم بأن أدعمك وأساعدك فى أن تحصل على كل المكاسب التى تريدها .. لكن أرجوك لا تدافع عنى أو تمتدحنى بعد اليوم!.. ونواصل الحديث لاحقا.
جمال مبارك
أمين السياسات بالحزب الوطنى


Tuesday, September 1, 2009

واحد دماغ وصلحه لـ عز الدين بكير

 
 واحد دماغ وصلحه
( من وحي الفهلوة المصرية )
للكاتب الساخر : عز الدين بكير
 صدر كتاب "واحد دماغ .. وصلحه" للكاتب الساخر  عز الدين بكير عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة
يقع الكتاب في 230 صفحة من القطع المتوسط. الغلاف لفنان الكاريكاتير محمد عبد اللطيف.
أبطال كتاب "واحد دماغ وصلحه" شخصيات رسمها "عز الدين بكير" من واقعنا المعاش : الحاج سعد المقاول ، الأسطى عبده كربراتير الميكانيكي ، عطوة الكبابجي ، عبده صاروخ الفراش ، الدكتور سلامة عقدة الطبيب النفسي ، الشيخ مرجان الدجال ، إبراهيم كرات سواق التاكسي المعروف بـ(إستنجلينة) ، الأستاذ حسنين المر المحامي الشهير ، مصطفى بقدونس المعارض الحكومي الكبير ، الأسطى زينهم ، فسوكة لاعب الكرة وبطل الأبطال ، الأسطى عبد المعز الترزي ، والمسؤول الكبير الذي يملك تعيين الوزراء وكبار أهل السلطة والذي ينجح في تعيين أحد أقاربه وزيراً للتربية والتعليم، وهو الراسب في الثانوية العامة سبع سنوات ولم يكمل تعليمه.
يجيء "واحد دماغ وصلحه" كنموذج راقي للأدب الساخر، في لغة تكاد تقترب من اللغة السينمائية، برع من خلالها الكاتب الصحفي "عز الدين بكير" في رسم صور واقعية ساخرة للعديد من المهن والشخصيات المصرية التي اتخذت من "الفهلوة" منهجًا رئيسًا للحياة، ومتخذًا من الكوميديا السوداء سبيلاً يعبر من خلاله إلى نقد حال المجتمع المصري، بعيدًا عما اعتدناه هذه الأيام من كتابات سطحية تدعي السخرية، فلا اللغة مالت بجانبها نحو عامية مبتذلة حتى تفوقت فى استخفافها على لغة الشارع، ولا الموضوعات جاءت سطحية تافهة لا تصلح إلا أن تناقش على المقاهي وفوق أرصفة يدعي الجالسون عليها أنها ملجأ المثقفين، لكننا هنا بإزاء كتابة مغايرة، صيغت بأسلوب راق، فجمعت فى مجملها بين روعة التعبير ورصانة الفكرة،.
ولأن الكتابة الساخرة تحتاج إلى مصارحة الذات أولاً قبل مصارحة المجتمع، فقد عمد "عز الدين بكير" أحيانًا إلى تكسير جميع الحواجز اللغوية والأدبية لتكون الرسالة أقوى من طلقات الرصاص، أملاً في التغيير والتبصير بطريقة ساخرة خفيفة.
عن الكاتب عز الدين بكير


• محمد عزالدين عبد اللطيف بكير
• كاتب وصحفي مصري، من مواليد الإسكندرية، في 22فيراير1953
• خريج كلية هندسة البترول والتعدين جامعة قناة السويس ، قسم هندسة الميتالورجيا ، سنة 1983
• عمل مهندسًا بشركة النصر للمسبوكات منذ التخرج حتى 1990
• تحول إلى دراسة نظم المعلومات، وعمل خبيرًا بها في مشاريع للهاتف السعودي، والرئاسة العامة للشباب بالرياض، ووزارة العدل والأوقاف الإماراتية، حتى 2006
• تفرغ منذ 2007 للتأليف ونشر له العديد من القصص القصيرة بمجلة نصف الدنيا المصرية ومجلة المنارة الإماراتية
• المؤلفات :
- واحد دماغ وصلحه : أدب ساخر . مؤسسة شمس للنشر والإعلام ، القاهرة 2009
- أصداء الحيرة : (تحت الطبع)
- باي باي أيها الملل : (تحت الطبع)
 
من وحي الفهلوة المصرية
من كتاب "واحد دماغ .. وصلحه"
على الرغم أن الفهلوة من عجائب المصريين؛ وليست الأهرام فقط أعجوبتهم الوحيدة؛ فقد أدهش المصريون العالم على مر التاريخ من خلال اكتشافاتهم أو اختراعاتهم، وليس ما توصل إليه العالمان العظيمان د.أحمد زويل و د.مصطفى السيد (الفيمتو ، النانو) وغيرهما؛ بآخر إنجازات المصريين ، فهذه العقلية العجيبة تحب التميز، وحتى في أبسط الأشياء، تتفجر عبقرياتهم. فلا يوجد شعب في العالم غيرهم، قد اهتدى إلى إمكانية تسمية أفراده بصيغة المثنى (حسنين ومحمدين)، ولا شغف شعب غيرهم بحب الطلاسم فأسمو (الدرمللي). وتعجز أفضل الترجمات عن تفسير ما يقصده المصريون عندما يطلقون على امرأة ما لفظة "أم قويق" أو "أم أربعة وأربعين" ، أو ما يعنيه جرسون المقهى وهو ينادي "واحد شاي وصلحه" ، ولا أظن في غير بلادهم يوجد وظيفة في العالم اسمها (المنجد) ؛ وهو العامل الذي يعيد نفش أقطان الألحفة بسنجته الشهيرة.
إلا أن الفهلوة على ذيوعها بين المصريين، لم تأخذ الاهتمام المنوط بها كإحدى خصائص المصريين، ولا يُعرف حتى هذه اللحظة لماذا خلت منها الدراسات والبحوث (لا توجد عنها رسالة دكتوراة واحدة) لذلك فقد ترددت كثيرًا وأنا أقتحم هذا الموضوع، وقد حذرني الأسطى زينهم زميل المقهى (وهو كثير الإطلاع في الصحف البائتة) من تناول الموضوع، بل وصفه بأنه كاللعب بالنار، ولما أبديت دهشتي من وصفه، قال لي منذرًا :
- ستجد نفسك في النهاية مطلوبًا في قضية أمن دولة.
رددت مصعوقًا:
- أمن دولة؟
فعاد يؤكد :
- نعم أمن دولة ...
واستطرد :
- ماذا تسمي إفشاء أسرار الدولة ؟
ثم بسخرية تساءل : آداب ؟!
واضطربتُ قليلاً وقد تذكرت أن مصطلح "الفهلوة" لا توجد له ترجمة إلى أي من لغات العالم ... هل يكون الأسطى زينهم على حق ؟!
في الواقع هو رجل ربع متعلم ، لكنه مع ذلك يكثر من قراءة الصحف وملم بقوانين الدولة التي تتغير كل حين .
واكتشفت ذات يوم عند أحد أقربائي قاموسًا كبيرًا اسمه " المنجد " (ليس له علاقة بالوظيفة التي ذكرتها آنفًا) ، لكنني كنت نسيت الميزان الصرفي للكشف على الكلمات ، وحتى لو تذكرته كيف بالله استنتج الفعل من "فهلوة" ؟! على أنه بعد حملة السيدة الأولى للتشجيع على القراءة ومكتبات الأسرة ، وقعت بيدي تفاسير عديدة للمصطلح ، بعضها يفيد بأنه القدرة على خلق وسائل لاصطياد زبون -أيًا كان هذا الزبون- لتحصيل الاستفادة منه -أيًا كانت هذه الاستفادة- .
وعلى عكس كثير من الاختراعات، ظل مخترع الفهلوة الأول مجهولاً في كتب التاريخ بمصر، إلا أن بعض الأوساط العلمية والثقافية، تعرضت لنشوء علم الفهلوة بمصر فأفادت أن أحدهم كان مفلسًا ، فخرج من بيته يبحث عن أي عمل يقتات منه في ظروف اقتصادية تعسة (ليست بالرخاء الذي نعيشه الآن) ، وبلا مؤهلات أو خبرات ، لكنه مع ذلك كان يحتفظ بهذه الموهبة المعروفة بـ"الفهلوة" ، وفي أثناء وقوفه كالشحط ، إلى جانب الطريق يبحلق في الغادي والرائح ، مرت من جانبه سيارة ، ثم توقفت ، ثم عادت بمؤخرتها ، حيث أراد سائقها الركون إلى جانب الطريق ، فما كان من هذا الفهلوي إلا أن صاح في سائق السيارة صيحته المباركة والذهبية ..
- تعالى ، خذ يمينك .. أو خد شمالك .. قف .
ثم جرى نحو نافذة السائق ملوحًا بيده ، قائلاً في صوت دمث :
- أي خدمة يا بك .
فنفحه سائق السيارة بعض النقود ... وهنا تولدت "الفهلوة" العبقرية ، وولدت وظيفة جديدة (منادي سيارات) لم تكتشفها دولة من الدول المتقدمة بعد.
وظل اسم هذا الفهلوي مجهولاً ، لكنه وزع عبقريته على كثير من أصحاب المهن المصريين ، الذين سنتناول سيرهم واحدًا بعد آخر.
وكما نال المصريون جوائز نوبل نتاجًا لعبقرياتهم وما أضافوه للإنسانية من اكتشافات ، فهل كان يمكن لهذا الفهلوي الأول أن ينال هو الآخر، جائزة نوبل لنبوغه في وضع اللبنة الأولى للفهلوة ؟ لا أظن لسبب بسيط، وهو تردده في أن يترك موقف السيارات لمدة اليومين اللذين يستلم خلالهما الجائزة بـ"استوكهلم"، خشية أن يحتل الموقف فهلوي آخر !...........