Friday, September 18, 2009

وداع رمضان والفرحة الأورديحى



تم البدر بدري
والأيام بتجري
والله لسة بدري
والله يا شهر الصيام

فى آخر أيام رمضان تطرأ على المصريين تغيرات موسمية كتلك التى تطرأ عليهم قبل رمضان بأيام..

فالمصريون يرون فى كافة المناسبات موسماً للشراء، رمضان لشراء السلع والخزين، والعيد لشراء الملابس الجديدة والكحك والغريبة و – لامؤأخذة – البيتيفور والبسكويت وهكذا فإن المصريين حولوا بقدرة قادر كافة المواسم إلى مواسم للشراء لا للعبادة أو التهانى أو الفرحة خالية الدسم.

المصريون لا يمؤمنون بالفرحة الأورديحى..
تلك الفرحة الخالية من الأكل والسمن والزيت والسكر واللحمة والياميش والقمر الدين والعصائر والكحك والبسكويت والملابس واللحمة والسمك والسردين والرنجة والبصل.

لا نفرح إلا إذا كانت الفرحة متغمسة بلحمة ضانى، ولا نفرح إلا أن نبلع وراء الفرحة شفطة من قمر الدين أو العرقسوس، ولا نفرح إلا إذا إرتدينا ثياب الفرحة الجديدة المبتاعة من شارع الشواربى و 26 يوليو والعتبة والموسكى، ولا نفرح إلا إذا مسكنا بين أيدينا حلويات الفرحة ومضغناها بأسناننا.

الفرحة بتعريفها الفطرى لا تتضمن أى أدوات غذائية بل هى فرحة الأهل والأحباب والأصدقاء وهى فرحة الطبيعة الجميلة وفرحة المواسم الطيبة وفرحة العودة للعام الجديد والعيد الجديد ورمضان الجديد والموسم الجديد.

لكن إذا عزّت الفرحة وصارت صعبة وبالغة المحال كان لابد من تقديمها فى طبق مرصع بالياميش ومحوط بكحك العيد ومبطن باللحوم المشوية حتى يتثنى لنا تذوقها.

أهم مظاهر عيد الفطر فى مصر :  
1-         صلاة العيد فى جامع عمرو بن العاص.
2-         صوانى كحك العيد والغريبة والبيتيفور والبسكويت .
3-         الملابس الجديدة للأطفال والمراهقين ولازلت أذكر بدلة الظابط التى كنت أحلم بها فى طفولتى، حتى كبرت وبدأت أكرهها كلما رأيتها.
4-         التحرش : وهو السمة الرئيسية لشوارع وسط البلد والشوارع المزدحمة فى السنوات الأخيرة خلال أيام العيد.
5-         الباعة الجائلون : وتعتبر أيام العيد موسماً للشراء ويرتاح غالبية المواطنين للشراء السريع نظراً لزحمة المحلات لذا فإن الباعة الجائلين يتكاثرون بشدة فى تلك الأيام.
6-         المتسولون أو (الشحاتين) وفى أيام العيد ينقسم الشعب المصرى إلى قسمين بالتساوى تقريباً.. مواطنين، وشحاتين.. ويطلب القسم الثانى (حسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة) من القسم الأولانى، ويقوم القسم الأولانى بالشخط أولاً فى القسم الثانى ثم بعد ذلك يخرج الحسنة ليعطيها بإيدٍ خفية إلى القسم الثانى الذى سرعان ما يجهش بالدعاء للقسم الأولانى.
7-         الزحمة : وفى العيد يأتى البشر من كل فجٍ عميق إلى حديقة الحيوان والأزهر والأورمان والفسطاط والقلعة وكوبرى عباس وقصر النيل والجامعة وكافية الحدائق والكبارى والسينمات والميادين والكافيهات، وهى فرصة جيدة للصوص لكى يقوموا بعملهم فى المنازل الخالية.

بينما نستمتع بجو رمضان الجميل بتراوحيه وفوانيسه وكنافته وقطايفه وشوارعه المضيئة بمصابيحه إذا فجاءة أسمع صوتاً ينادى :
لا أوحش الله منك يا شهر الصيام

فيحزم رمضان شنطته ليرحل ، واعداً أيانا أن يأتى فى العام القادم، لكن لا ندرى من سيظل فى إنتظاره، الحياة، ومن سيأتى رمضان فى العام القادم فلا يجده.

تم البدر بدري
والأيام بتجري
والله لسة بدري
والله يا شهر الصيام

كلمات نرددها بحزن مع أواخر أيام شهر رمضان الكريم، ولا ندرى كيف مر هذا الشهر العظيم هكذا كلمح البصر إلا حينما نقرأ الأية "أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ" فنزرف الدمعات على رحيل أيامه المعدودات الجميلة.. سائلين الله أن نكون من المحظوظين ببلوغ رمضان القادم.

أتمنى لكم عيداً سعيداً طيباً دسماً خالية من الزحمة والتحرش


أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment