Thursday, May 6, 2010

أحمد بتاع زمان

لا يمر يوم ولا ساعة إلا وأسمع كلمات التحسر على (أحمد بتاع زمان) وأيامه الحلوة، وطباعه الجميلة، وبقه اللى بينقط سكر، وكل الحاجات التى تجعلنى على وشك اللطم والصويت على حالى الذى تحول من (أحمد بتاع زمان) إلى (أحمد بتاع دلوقت).

أمى دائماً تمصمص شفتاها وهى تتحسر على (أحمد بتاع زمان) أيام ما كنت منظم وهادئ ومهتم بالأشياء لدرجة توهمك بأننى كنت ملاكاً بجناحين، وأقسم بالله إننى عمرى ما كنت منظم فى يوم من الأيام، كل الحكاية إننى – زمان – كنت أضع الشرابات فى درج التلاجة، أما الآن فأضعها بين الكتب فى المكتبة، وكنت أرمى ملابسى فى الطرقة، وصرت الآن أضعها فى المطبخ، وعندما إخترعوا الموبايل؛ كنت أأخذ ريموت التليفزيون معى بدلاً من الموبايل، وعمرى ما كنت هادئ فى يوم من الأيام، كل الحكاية إننى فى الصغر تعودت أن أنام بالثلاتة أيام والأربعة، فيظنون أننى شخص هادئ، رغم إنهم لو تأملوا قليلاً لوجدونى – حتى وأنا نائم – أرفص برجلى وألعب ملاكمة وأشخر وأصفر.

أما الآن فالنوم قليل جداً، والسهر يومياً حتى الصباح، وبعد العودة من العمل بالكثير ساعة قيلولة، لذا فمن الضرورى – خلال عشرين ساعة من اليقظة - أن أستعمل حنجرتى وأطرافى وأعضائى ومواهبى بمعدل أكبر من السابق حتى لا تضمر، فالعضو الذي يستعمل يكبر ويبقى حلو، والعضو الذى لا يستعمل يضمر ويتنيل بنيلة.

أصدقائى ينظرون لى فى حسرة وهم يقولون فين (أحمد بتاع زمان) اللى كان بيعزمنا على الغدا دون أن يهتز له رمش، وهم كاذبون فى أصل وشهم، ولم أعزم كائن بشرى على الغداء قط، كل الحكاية أن هؤلاء الأصدقاء كانوا زمان لا يتورعون عن أن يتكفلوا بأكلى فطاراً وغداءاً وعشاءاً، وكنت أزهد أحياناً فى ساندوتش، فأتركه لهذا أو ذلك، فيأخذه فرحاًن رغم إنه – إبن العبيط – هو الذى دفع ثمنه.

خالتى حزينة على حالى ما أن رأتنى حتى سألتنى: فين (أحمد بتاع زمان) اللى كان لما يشوفنى ييجى يقعد فى حجرى، طبعاً أخبرها أنه بعد وصولى إلى المترين طولاً بنجاح، فمن الصعب أن اجلس فى حجر سيدة لا يزيد طولها على الـ 140 سم.

حتى عمى الذي أزوره كل ست ساعات وكإنه مضاد حيوى بمجرد أن رآنى حتى إبتدرنى قائلاً يا احمد نفسى ترجع (أحمد بتاع زمان) وتيجى تزورنى وتسأل عليا، طبعاً الرد الوحيد المناسب أن أواصل إلتهام التفاح الموجود على السفرة فى نهم – مصدراً صوت خشششش - لعله يحس بالأسى من زيارتى له.

أما المخاليل الأعزاء – ولاد وبنات أخواتى – فيرون أننى صرت شخص أخر تماماً، يكتفون بقول (فين أحمد) بتاع زمان أو بتاع أى زمان، لإنهم يرون فى شخصى الكريم حالياً الهدوء والتهذيب واللطف والمعاملة الرقيقة؛ مقارنةً لما كنت أفعله بهم فى السابق، حيث كنت أمارس تعليق الأطفال تحت سن ثلاث سنوات فى النجفة، ووربط خمسة عيال من أرجلهم بالحبل معاً وتركهم يوم بليلة، وهكذا فهم يرون أننى أصبحت مملاً شخص (نوت إنترستنج) وهكذا.

الجميع يتحسرون على (أحمد بتاع زمان) رغم أننى أتحسر على سلامة نظرهم؛ فلو دققوا فى وجهى الكريم، لوجدونى (أحمد بتاع زمان) طبق الأصل، بغباوته وتلقائيته، وطيبته ووهيلولته، وفجعته وجوعه، وحنانه (الذى يفوق حنان الأم)، وغباءه الذي يفوق غباء الحكومة، بحبه للحرية وبغضه للتقيد بحاجات ملهاش لازمة.

عزيزى أحمد بتاع زمان..
عشان خاطر النبى يا شيخ ترجع تانى.

أحمد الصباغ 
رسم : منى حمدى زيدان

No comments:

Post a Comment