الأضواء الخافتة التى يميل أغلبها إلى الإصفرار.. العرق الظاهر على حوائط الجامع الأثرية الضخمة المتهالكة، همهمات الذِكر وقراءة القرآن التى تملأ سماء المسجد الصغير.. الشيخ الطاعن الذى أنهكه تعب الصلاة فقرر أن يستلقى على ظهره ويذهب فى نوم عميق إلى ميعاد السحور.. ساعة المسجد التى تشير إلى الحادية عشرة مساءاً.. نسيم الهواء الذى يحمل روائح السيدة زينب إلى هذا المسجد الأثرى القديم.. الشباب التسعة الذين يتناثرون فى ساحة المسجد والذين تلمع أعينهم بالدمع وتعرفهم بسيماهم من أثر السجود.. قريبى الذى أخذنى معه فى تلك الليلة للإعتكاف تلك الليلة بذلك المسجد ثم وقف يقرأ فى وجهى آيات الإندهاش والإنبهار بهذا الجو الإيمانى العجيب.
***
الأضواء الفوسفورية التى تضئ شارع البورصة بوسط البلد فتحيل الليل إلى كرنفال، المقاهى المتراصة فى الشارع ليتحول الشارع كله إلى مقهى ضخم، مئات الشباب الذى هرب من الأجواء الرمضانية ليضج إستمتاعاً بنسيم الليل العارى من تكلفات النهار.. الفتاة التى تجلس بالقرب منى وهى ترتدى جيبة جينز قصيرة وضيقة، الجروب الأجنبى الذى يجلس بلا ملابس فى المائدة القريبة، دخان الشيشة الذى يملأ سماء الشارع بالكامل والذى يتصاعد من عشرات الشيش فى أيدى الجميع.. ساعة المقهى التى تشير الى الحادية عشرة مساءاً، الفتاة غريبة الأطوار التى تجلس وحدها وترتدى من الملابس ما قل ودل فى إنتظار شخص ما، ثم يأتى الشخص شاب غريب الأطوار يرتدى قميصاً مفتوحاً وسلسلة ذهبية ويرسم وشماً عجيباً على ذراعة الضخم، يمسك يد الفتاة فى خشونة ثم يسحبها بعد تبادل كلمتين قصيرتين ثم يتجها إلى حيث قضاء الليلة.
***
غادرت المكانين مترنحاً..
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment