لست أدرى لماذا إجتاحتنى هذه المرة موجة من الرعب والفزع، على الرغم من إنها ليست المرة الأولى التى يهدد مصر خطراً محدقاً .. على العكس ، فمصر رائدة فى إستيراد الأمراض المتوطنة ، وليست " أنفلونزا الطيور" ببعيد .. والتى تفوقنا فيها على الصين بعد منافسة شديدة إستمرت شهور ثم أصبحنا الدولة الأولى فى العالم فى عدد الإصابات..
إلا أنه بمجرد الأعلان عن المرض الجديد " أنفلونزا الخنازير" ظهرت أمامى خيالات سوداء وتنبؤات أكثر سوداً لو تحققت ربعها لكن أسوأ واقع ستعيشه مصر
ترددت كثيراً فى الأعلان عن تنبؤاتى هذه مرة خوفاً على ذوى القلوب الرفيعة ، وخصوصاُ عندما أُعلن اليوم قرارأ أصدره مجلس الشعب وصدقت عليه الكنيسة بإعدام 350 ألف رأس خنزير
تعيش الخنازير فى منشية ناصر مع الفراخ ومع الكلاب ومع الحمير ثم مع البنى أدميين فى عشة واحدة .. يأكلون جميعاً القمامة .. ويتبرزون ويتبولون ويتناسلون معاً فيما يمثل أعظم إتحاد كائناتى فى الوجود .. ولك أن تتخيل الرائحة .. ولك أن تتخيل المنظر ..
تضم القاهرة قرابة 250 ألف رأس خنزير ، بالإضافة إلى عدة مئات من المسئولين ورجال الأعمال .. وتضم مصر كلها حوالى 350 ألف خنزير يتوزعون فى كافة المحافظات ولكن يتركز الرقم الأكبر فى منشية ناصر وعزبة الزبالين ومايو ، وهناك محلات تخصصت فى بيع لحم الخنزير وأشهرها "مرقس" الشهير بشبرا وله عدة فروع فى القاهرة ، وأنا شخصياً شاهدت كثيراً منظر العامل الذى يحمل على ظهره خنزيراً مذبوحاً ومسلوخاً فى شارع الفلكى ومحمد محمود فى جولتى الصباحية قبل العمل فى وسط البلد
عند سماع خبر إنتشار أنفلونزا الخنازير فى المكسيك وعدة بلاد.. تخيلت دخوله إلى مصر بلا تأشيرة .. وفتح أبواب مصر الشمالية والجنوبية العربية والشرقية على مصرعيهم .. ثم تخيلت شعبان عبد الرحيم وهو يغنى للتحريض ضد أنفلونزا الخنازير.. ويقول :
خد بالك من الخنازير لو جالها ف يوم زكام
وفضي العشة خالص واهرب زى الحـــمام
وايييييييييه
لو شفت خـــــنزير دايخ.. خد بالك منه أوام
وخد بعضك وفك .. إنت والعــــيال والمدام
وايييييييييه
هذا بالإضافة لإن هذا الموضوع تحديداً يكون دائماً لقمة عيش حلوة للصحافة ، فتجد الشعب يتابع وهو يلهث أنباء من هنا عن أمرأة ماتت متأثرة بالمرض ، وخبر من هناك عن وفاة رجل ثم وفاة طفل كان يلعب مع الحيوانات فى الحظيرة وهكذا
أتوقع بعد صدور قرار بإعدام الخنازير فى مصر حدوث إضراب لمربى الخنازير فى مصر رافعين شعار
سيبولنا شوية الخــــنازير .. يا إما هنربى طـــــــــيور
وبما أن المواطن المصرى يتميز بحاسة إضافية تميزه عن باقى كائنات العالم العالم وهى حاسة "التهرب من الحكومة" فأتوقع بعد تنفيذ قرار الإعدام الجماعى وجود آلاف الخنازير فى مزارع سرية ودهاليز خفية وحظائر أرضية ، وبعد أن يستتب الأمن وتعلن وزارة الصحة خلو مصر من الخنازير وتخرج مصر لسانها للعالم الذي يرزح تحت وطأة المرض نفاجأ جميعاً بالإعلان عن أول حالة إصابة بأنفلونزا الخنازير فى مصر
ويخرج علينا المريض فى "البيت بيتك" بأنف إسطوانية حمراء متحدثاً : أنا كنت مربى خنازير فوق السطوح وما سمعتش كلام وزارة الصحة وادينى بدفع التمن .. أنا بقول لكل بنى آدم لازم تنفذ تعليمات وزارة الصحة وتقتل الخنازير اللى عندك
إن إدارة الكوارث فى أوروبا والدول المتقدمة تتم بشكل منظم ، وربما ترى الموظف المسئول حين الإعلان عن كارثة يمارس عمله بملل فهو متوقع مسبقاً حدوث الكارثة ومستعد لها .. فـ عِلم الكوارث حسبما أعتقد يمنع أنعقاد حواجب الإنسان عن وقوع كارثة أما فى مصر حيث لا تنظيم ولا نظام ولكن دهشة وأنعقاد حواجب عمال على بطال فإن الأمر البديهى والأسهل والأسلم هو إعدام كافة الخنازير .. ربما تقل أهميتها بالنسبة للمصريين لتحريمها بين المسلمين الذين هم الغالبية العظمى من المصريين وتجنب العدد الاكبر من المسيحين تناولها لأسباب نفسية وصحية ..
لكن دعونا نتساءل : فى ظل الأزمات الصحية الكبرى التى يوجهها العالم فى السنوات الأخيرة بدءاً من الإيدز ومروراً بالإيبولا والسرس وأنفلونزا الطيور وأخيراً أنفلونزا الخنازير .. هل لنا أن ننظر إلى إستراتيجية أفضل فى إدارة الثروة الحيوانية والرعاية الصحية فى مصر ؟
ثم دعونى أتساءل تساؤلاً آخر:أذا كانت مصر ستتخلص من خنازيرها الحيوانية لظروف صحية فهل ستتخلص من خنازيرها البشرية التى تنهب وتأكل وتمتص وتلوث كل لقمة عيش فى إيد البنى أدم المصرى الغلبان؟ أما أنه فى هذه الحالة سوف تخرج علينا جمعيات الرفق بالخنازير البشرية
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment