Thursday, April 16, 2009

الفلــوس .. والريس برايز

كلما تذكرت "الريس برايز" فى فيلم ثقافى الذى إكتشفت خطيبته أنه يمتلك ألف جنيه فقط وفسخت الخطوبة فعاد إلى الثقافى عودٌ حميد

وكلما تذكرت جدتى التى كانت تجزم بشدة أن عفشها كان عفش ما يجيبوش وزير لدرجة أنه تكلف 8 جنيه كاملة ، ولم يبخل جدى على حتته الطرية فأتى بكل عزيز وغالٍ ، إيشى دولاب بجنيه ونص خشب أبنوسى ملوكى معتبر ، والصالون مدهب ضخم مكون من عشرات القطع التى تمكتهم من استضافة الحى بأكمله والذى دفع فيه جدى 2 جنيه ضارباً بذلك مثلا فى البذخ والإسراف

ثم أتذكر والدى الذى كان يحكى عن شبابه فى الخمسيسنات قائلاُ : الحياة على أيامنا كانت غليت والواحد عشان يقول يا عفش مش هيحتاج أقل من 50 جنيه
 وكان رحمه الله يلعن سنسفيل أبو الغلا والذى أصاب الحياة فى مصر المكتوية بنار الغلا فى أيام شبابه ..

ويقول فى فخر : لكننى لم أستسلم ولم أنهزم وتحديت الصعاب وإستطعت بفضل الله ثم عملى المتواصل ليل نهار ومساعدة أسرتى أن أشترى عفش ما يجيبوش وزير كلفته 75 جنيه رغم نصائح الأهل والأصدقاء المتكرر بعدم الإسراف فقد أحتاح هذه الفلوس بعدين والإكتفاء بعفش متوسط فى حدود الخمسين جنيه ، لكن أبى الرجل الكريم المعطاء فكر فى أن يرضى زوجته - اللى هى أمى - ويملا عينها بعفش ما جابوش شاب فى الحتة أو ما جابوش وزير على حد تعبير الناس القدام

ثم أتذكر صديقى الذى قررت أسرته ذلك القرار التاريخى بعد 32 سنة من العزوبية والصياعة والحياة كما "قرد قطع" فى أرابيز أهله ، وبعد أن أصبح على وشك إغتصاب مولة السرير والعض فى الأرض ، وبعد الإصابة بحالة من الهياج المتكرر وخوفاً منه على بنات الحتة وعلى الصابون الذى إرتفعت أسعاره فقد قرروا أن يزوجوه .. أن أن طشششش
ولما كانت أسرته غير ميسورة الحال ، ولإنهم لم يتندبوا أحد أعضاء الأسرة فى دول الخليج وبما أن أمه ليست رقاصة وإنما "ست شريفة" وأخته ليست فتاحة وانما "بنت عفيفة" وبما أنه هو شخصياً محاسب وبياخد 500 جنيه أول كل مكتب قصدى أول كل شهر ، وفى الوقت الذى أصبح فيه ساندوتش الفول بجنيه وربع وأصبحت الطعميايه - اللى هى طعام الغلابة - بربع جنيه القرص ، وأصبحت الفرخة فى الحالة النية بعشرين جنيه وفى الحالة المشوية بتلاتين جنيه على أقل تقدير ، وبما أنه لا يمتلك أى أمارة على الجواز أو حيثيات أو منطلق يجيب من خلاله سيرة الجواز .. فقد بدأت رحلة البحث عن عروسة بزميلاته فى العمل على أساس إنهم معرفة وعشرة سنين هيرضوا بقليلهم ..

فكانت المفاجأة صعبة حينما تقدم لإحدى زميلاته وإبتدره أبوها بأشهر جملة تقال فى مثل هذه المواقف "إحنا بنشترى راجل " .. تشعرك هذه الجملة بأنك تستطيع أن تأخذ عروستك بهدومها وتمشى وعليها بوسة من غير ما تدفع حتى حق الشاى اللى شربته ، مش مهم تجيب أى حاجة كفاية إنك راجل وأحنا كنا بنفكر نشترى راجل وكفاية إننا هنشترى راجل ..

لكن عندما تعلم أن هذه الجملة هى ليست أكثر من قول مأثور توارثته الأجيال عبر الأجيال وإنهم يقصدون بها " إحنا بنشترى راجل بشقته ومهره وشبكته وعفشه وفلوسه "
فإنه من الطبيعى أن صديقى يظن أن الزواج المناسب لشاب من ذوى الإحتياجات الرخيصة مثله هو جواز الاهل..أهُم مننا وعلينا ونبقى عيلة ف بعض وما حدش شايف حاجة ، وإبعد عن زميلات العمل أو الأصدقاء اللى ما بيملاش عنيهم إلا التراب

وعندما أعد العُدة وشمّع الفتلة وجمع من إسرته الأب والأم والإخوات ومن العائلة العم والخال والخالة وذهبوا جميعا لخطبة بنت عمته ، فقد قامت عمته برقع زغرودة معتبرة وإستـُـقبلوا خير إستقبال ، وأضاءت عمته الأنوار وأناموا الأطفال الصغار وإبتدره جوز عمته بـ " يابنى إحنا بنشترى راجل" !! ..

بغض النظر عن القلق الذى أصابه حين سماع هذه الجملة ، إلا أنه يذكر حتى الآن أن رد فعله تجاه طلبات جوز عمته التى فاقت طلبات أبو زميلته المتواضعة – قد أنشأ قطيعة بين أسرة عمته وباقى الأهل إلى يومنا هذا

يقول حجا : يلعن أبو اللى إتجوزا قبلنا وما نصحوناش واللى إتجوزوا بعدنا وما سألوناش .. ولهذا فإن صديقى صار يعتبر أن رفض العزوبية هو نوع من البطر ورفض النعمة .. صحيح الفلوس موجودة إكوام إكوام والحمد لله والأشية معدن
لكن يظل "الثقافى" شعاراً هاماً للمرحلة القادمة لهذا الجيل التعييس

5 إبريل 2009
أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment