جاءنى صديقى العاشق لسلمى حايك حاملاً جريدة بها بقايا طعمية، ومشيراً بإصبعه إلى خبر تتصدره صورة الممثلة المكسيكية ذات الأصل اللبنانى، وأشار هو يلحس بقايا الطعمية من على الجريدة إلى الخبر الذى تصدرته وكالات الأنباء العالمية والذى جرت أحداثه فى سيرياليون حيث الفقر والجوع والجفاف الأمر الذى إضطر الفاتنة المكسيكية للزكاة عن صدرها بإرضاع الصغير، فإذ بالخبر يتصدر وسائل الإعلام العالمية والتى أرادت أن تؤكد الخبر فأرفقت صورة لها تؤكد على إتساع صدرها ليشمل أغنياء الغرب وفقراء الشرق على السواء.
وبّخت صديقى..
وأخبرتهُ أن البلد تحترق بنيران الطائفية، وغزة تحترق بنيران العدوان، وأنه يهتم بالسفاسف من الأمور، فنظر لى صديقى نظرة إستياء وقال فى حكمة أدهشتنى:
- لعلمك يا هندسة، الأخبار إللى انت بتقول عليها سفاسف دى هى الأخبار اللى تهم كل مصرى فشل فى دخول دنيا فاكتفى بأخبارها بس.. هو لا يبقى دخول ولا حتى سمع خير.
تمعنت فى وجه الأخت سلمى ملياً وملامحها العربية، والتى سهلت عليها دخول أغلب البيوت العربية فى مطلع التسعينيات محمولة على أعناق شرائط الفيديو، ثم لما تخطى العالم العربى مرحلة التسلل ووصل إلى مرحلة الإزدهار الجنسى وتوحد الشعب العربى لأول مرة فى مشاكله الجنسية والتى صنعتها أعناق الفضائيات والتى حملت فيما بعد عشرات من الـ (سلمى حايك) من شتى بقاع الأرض إلا أن الحديث عن الجنس وهمومه وثقافته ظلّ من المحرمات فى العلن لكن لا بأس من أن تكتشف أن الشعب العربى قد تحول إلى ثنائيات تمارس الحديث فى الجنس سرا.
تركنى صديقى مع الجرنان فانفردت به وتسللت على عيون الفاتنة المكسيكية فرأيت عالماً آخر، هو الوجه الآخر لوجه الشبق والإحتياج المرسوم على وجه الموطن فى بلادى.
تربينا فضائل تحرم الجنس الإ بشروط رسمها الدين، وكانت حياتنا إلى حد ما مرسمة بخطوط تلك الفضائل (أو هكذا يخيل لى) ثم لما تم مسح الخطوط صار الوطن طبق سلطة يختلط فيه (العريان بالمتغطى) وعليك الإختيار.
الأمر ليس سهلاً كما تظن..
فكلاهما غالٍ، وله فاتورته، وكلاهما صعب، لا تصدق من قال لك أن الإنحراف سهل، أو أن الطريق المستقيم ميسر، الداهية أنك قد وصلت لمرحلة صار فيها إختيار الطريق أساساً صعباً.
أزاحت الجرنان من أمام عينى، فاختفت صورة سلمى فى زحمة الحياة اليومية، لكن ظلت صورة الطفل الأسود الجائع فى عينى.
عزيزى الطفل الإفريقى الأسود الرضيع الجائع.. معذرة
يبدو أن لبن الأمهات فى الشرق قد نفد.
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment