ما حدث اليوم فى مصر من ممارسة ديمقراطية وتمسك بالحرية وكلام فارغ لهو كارثة بكل المقاييس .. كارثة يجب تداركها ومقاومتها والتصدى لها بشتى الطرق حتى لا تدعو علينا الأجيال القادمة ويلعننا أبناءنا فى كل كتاب، وحتى لا يجلس أكثر من 50000 من رجالنا - كانوا يأكلون الشهد فى مثل هذا اليوم – فى البيت.
لقد كان مثل هذا اليوم من الاستفتاءات والانتخابات لهو بمثابة عيد قومى لنا ولأولادنا ورجالنا، فأصبح يوم نحس علينا ونحن نرى "الشعب الغير مؤهل للديمقراطية" وقد طلع له صوت، وذهب للتصويت بنعم ولا وحاجات من دى.
وقال إيه.. انقسم الشعب إلى قسمين: قسم بيقول نعم، وقسم بيقول لأ.. والله عال يا دنيا.. لقد نسى ذلك الشعب اللعين أيام الورقة ذات الخانة الواحدة التى كنا نقدمها له، وأصبح له رأى يتباهى به.
ليس هذا فقط بل أصبحت القنوات الفضائية والأرضية تستضيف رجالاً وقيادات أحزاب ومواطنين وأطفال، وتستمع لرأيهم وكأنه له قيمة، وأصبح المواطن من دول "صفيق" لا ينكسف ولا يختشى من أن يقول رأيه كدة عادى وكأنه بنى آدم له حق فى الادلاء برأيه قدام الناس.
لقد طار عقلى اليوم وأنا أرى الطوابير تمتد لقرابة كيلو متر وأرى المواطن العادى يصر على حقه فى الإنتخاب، ويقف فى عز الشمس لأكثر من ساعة دون تأفف أو خناق، ليس هذا فقط بل يأتى شيخ عجوز (رجل فى الدنيا ورجل فى الآخرة) فيصر الشباب على اتاحة الفرصة له للإداء بصوته أولاً دون تكبد مشقة الوقوف فى الطابور.
لقد انكشف الوجه الحقيقى للشعب الذى يدعى التمسك بالفضيلة ورأينا السيدات يخرجن من ديارهن لممارسة والعياذ بالله الديمقراطية وغمس أصابعهن فى الحبر الفوسفورى رغم أن أصابعهن عورة، إنكشف الشعب المصرى الذى يتمسك بمظاهر التدين الزائفة حين خرج لتلويث أصابعه بالحبر الفوسفورى رغم أن الدين يحث على النظافة ويؤكد أن "النظافة من الإيمان".
وإمعانا فى فقع المرارة فقد عاد كل مواطن إلى بيته وغير صورة بروفايله بصورة لأصابعه الملوثة بالحبر الفوسفورى (يع) وكأنه لا يستحى أن يفعل مثل الأطفال الذين يلغوصون أصابعهم بالحبر، وأصبح المواطن اللعين بعد أن كان بيتصور مع الدبابة أصبح بيتصور مع صوباعه أبو حبر.. مرددين فى صفاقة : صوباعى لونه بينك ..انا مصرى مش فشنك.
لقد فقدنا على مدار الأيام القليلة الماضية رجلين من أكفأ رجالنا فى مؤسسة روزاليوسف، وهناك عشرات فى الجرائد القومية مهددين بنفس المصير بالفصل والطرد والضرب بالجزم، بعد سيطرة عيال التحرير على الأمور فى ذلك البلد العظيم الذى صنعناه "بأيدينا" و "رؤوسنا" .. لذا يجب الوقوف بجانب رجالنا فى المؤسسات الصحفية القومية قدر إستطاعتنا، حتى لا نفقد الأبواق الإعلامية الشريفة التى تمثلنا منذ عشرات السنين وتسهم بشكل رائع فى توجيه الشعب الغير مؤهل للديمقراطية.
نعم.. الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية..
انظر إلى تلك الطوابير المليونية التى شهدناها صباح اليوم فى انتظار حتة ورقة لا راحت ولا جت، يقوم المواطن من دول بالشخبطة عليها وإلقاءها فى صندوق بقرش صاغ، هم لا يعرفون معنى الديمقراطية الحقيقى الذى كان يرسيه حزبنا العظيم "الحزب الوطنى الديمقراطى" على مدار 30 عام.
لم يخلو اليوم من الجوانب المشرقة فقد قام مجموعة من خيرة شبابنا بالهجوم على سيارة المدعو "محمد البرادعى" فحطموا زجاج السيارة فى مشهد بانورامى رائع محبب إلى النفس لم نشاهده منذ 25 يناير اللعين.
وأخيراً .. لقد أصبحت غريباً فى وطنى، تائهاً فى بلدى، أرى وجهاً لا أعرفها لأشخاص أعرفهم جيداً وتربيت معهم، فأصبحوا يتحدثون بلغة غير مفهومة، وينطقون كلمات لم أعهدها عليهم، مثل : الديمقراطية، والحرية، والعدالة، والعياذ بالله.
بلطجى من أمام طابور استفتاء
شرم الشيخ
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment