Friday, March 25, 2011

ماتوا دون أن يشاركوا فى الغزوة

يعرف أصدقائى المقربين أننى لا أبكى إطلاقاً إلا عند تقشير البصل .. حتى أُشيع عنى أننى عديم الإحساس، وكنت أنفى ذلك بشدة معللاً عدم بكائى بأن الغدة الدمعية عندى بايظة مش شغالة.
أقولك حاجة بس ما تضحكش عليا؟ 
عندما شاهدت الشيخ محمد حسين يعقوب وهى يكبر فرحاً بغزوة الصناديق.. ظهر فى خيالى فجاءة الدكتور عبد الوهاب المسيرى .. فانفجرت من العياط..
 أراك مندهشاً من إجتماع شخصين لا يمتان بصلة لبعض فى مخيخ واحد سأوضح لك فى السطور التالية العلاقة بين الشخصين وهى علاقة - كما سيتضح لك - متناقضة منيلة بنيلة.
 الدكتور المسيرى واحد من صناع ثورة 25 يناير بكفاحه على مدار سنين طويلة ضد أنظمة منيلة بنيلة حكمت مصر.. بدءاً من رحلته مع الإخوان المسلمين ومروراً بإنتماءه للتيار اليسارى وإنتهاءاً بمشاركته فى تأسيس حركة كفاية 2004م التى لا يستطيع أحد  أن ينكر أنها أولى درجات سلم الثورة.. باختصار الدكتور عبد الوهاب المسيرى كان واحداً على رأس من قالوا (كفاية) فى وجه مبارك وابنه وواحداً من أوائل من رفضوا التوريث ونبهوا الشارع المصرى لقدومه وخطورته.
ورغم مرضه بالسرطان إلا أنه نزل مع المواطن المصرى إلى الشارع فى المظاهرات، وتم سحله على الأرض وبهدلته وقبل أن يقوم كان يدعو إلى مظاهرة أخرى.
وصاحبت رحلة النضال السياسى رحلة فكر وعلم، فقد نشر الدكتور المسيرى عشرات الكتب والأبحاث وعلى رأسها موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية التى نعرفها جميعاً.
 فى هذا الوقت كان الشيخ محمد حسين يعقوب واحداً من شيوخ السلفية الذين يرددون (كفاية مظاهرات) ويحّرمون الخروج على الحاكم، ويعرضون عن المشاركة فى اللعبة السياسية حتى أصبحوا فاكهة النظام وحبايبه، وفى الوقت الذى كان مبارك يلعب لعبته القذرة مع الإخوان (الكخة) كان السلفيين من أمثال شيخنا يعقوب يحلّون أهلاً وسهلاً فى المساجد الكبرى والقنوات الفضائية والصحف.
عبد الوهاب المسيرى مات .. قبل أن يفرح معنا بالثورة.
والشيخ محمد حسين يعقوب إعتبر إن الثورة بتاعته، وإن الإستفتاء بتاعه، وإنه وفريقه من أهل (نعم) قد إنتصروا.. وفين؟ .. فى غزوة الصناديق.. غزوة الصناديق يا شيخ يعقوب؟ اه غزوة الصناديق.. يعنى المؤمنين هما اللى إنتصروا فى الاستفتاء على كارهى الدين الذين قالوا لأ؟ أيوة لقد نصر الله الذين قالوا نعم للدين .. وأصاب الذين قالوا لا الخزى.
 قس على ذلك الكثيرون .. 
الدكتور محمد السيد سعيد المفكر العظيم .. الكاتب الصحفى كامل زهيرى.. أستاذنا العظيم محمود عوض .. الساخر الكبير محمود السعدنى  .. الدكتور أحمد مستجير
راحلين بشّروا بالثورة .. ماتوا دون أن يفرحوا معنا بها... ولم يساعدهم القدر أن يكونوا من المنتصرين فى غزوة الصناديق.

أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment