البيض مكون غذائى هام فى حياتنا ، نسلقه فى إفطارنا ، ونقليه فى عشائنا ، ونمزجه بالطماطم فى غدائنا ، ونلونه فى شم النسيم .. ونرقد عليه باقى أيام السنة ..
إلا ان البيض إذا ما تُرك لفترة "يمشش" ويصبح غير محتمل الشم ، أو اللمس ، ويتحول ذلك الكائن الهش الرقيق إلى ما يشبه الجيفة النتنة ، فنلقى به فى عين "التواليت" عن طيب خاطر ..
والبيض له شكل بيضاوى ، ويتكون من صفار وبياض وقشرة ، ومنه الأحمر والأبيض ، وبيض نعام وبيض فراخ وبيض بط وكافيار ، ومنه أبو صفارين ومنه أبو صفار واحد..
والبيض صفة ..
أى والله .. البيض الممشش يصلح لإن يكون صفة لنوعية من البشر ..
هؤلاء النوعية التى كرمها الله كما كرم باقى بنى أدم " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ " .. فأبوا إلا أن يكونوا لا آدميين متخليين عن صفات الرقى والجدعنة والصراحة والطيبة والصفاء والنقاء واللطف والظرف والشهامة والرجولة والنخوة والكياسة .. ويلقون بها فى أقرب صفيحة زبالة ، ليصبحوا بين البشر .. بيض
إذاً .. فالبيض صفة مكتسبة والله لا يخلق قبيحاً ، والكائن البيض هو شخص باع فطرته - التى خلقه الله عليها – فى أول ناصية ، ولم يرتضى إلا أن يكون سيئاً حتى لو تم وضعه فى باقة ورد فسيظل يحمل شكل "البيضة" بالمخالفة ..
وإذا نظرت حولك لوجدت كرتونة بيض تحيط بك من كل ناحية ، لكن لإنك تحمل بداخلك إنسان جميل فأنت غالباً تكتفى بالنظر إلى "الشخص البيض" على إنه حالة إستثنائية ولا تحتاج إلى كرتونة تصنيف كبيض ..
ومن أهم أنواع الناس البيض : شخص على شكل (مؤخرة) يظهر فى حياتك فجاءة من العدم ليلبس ثوب الحكمة (تخيل إنت بقى مؤخرة ولابسة ثوب حكمة هيبقى شكلها عامل إزاى ) ويقوم هذا الشخص بتنغيص عيشتك بمواقفه التى لا تقل (بيضاً) عنه ومن هذه المواقف :
- بين الأصدقاء : يعتبر أن حب الناس لك هو إستثناء غير طبيعى ، وإنك لا تزيد دراع أو رجل عنه ، فلماذا يحبونك أنت وهو لأ؟ .. وتجده فى تجمعاتك مع الأصدقاء دائماً على مقربه منك حتى يستطيع تصيد أخطاءك ، ويجعلها أضحوكة ، وطبعاً لإنه بيض ( هش ) فتـُـضحك أنت طوب الأرض عليه
- عند الإختلاف معك : يبدأ فى الشكوى لطوب الأرض وعد الجمايل التى أسداها لك ، بادئاً كلامه بأن لحم كتافك من خيره ، وبأنك لولاه لما كنت شيئاً يذكر ، حتى يكتشف المستمع أن الخدمات هى أنه عزمك على شاى فى اليوم الفولانى ، وحمل لك الكاميراً حتى تغسل وشك فى اليوم العلانى ، وسلفك كلينكيس فى اليوم التبتانى إلى أخره من الخدمات الجليلة العظمة التى كانت سبباً فى تنمية لحم كتافك كما هو واضح ..
- فى مدونتك : يلبس ثوب الواعظ ، ويحيلك فى ثانية إلى (أبى لهب) ويدعوك للتوبة والإغتسال ، رغم إن ما كتبته هو محض مناقشة ومحاولة للتفكير والوصول إلى الصواب ، أو يدخل كشخص مجهول حتى يلقى ما لذ وطاب من الشتائم القبيحة وغالباً ما تكون بالأم ..
- على الفيسبوك : لا يقول كلمة طيبة أبداً ، فدائماً رأيه يكون فى صورة (بيض وطالع له حروف) سواء أكان رأيه مدحاً أو ذماً .. تقبلاً أو رفضاً .. سعادة أو إستياءاً ..وغالباً تقف أمام تعليقاته بالساعات فتفشل فى فهم ما يرمى إليه ، لإنه دائماً يحمل معانى ما وراء الكلمات تلقيحاً وتلميحاً ، وتعرفه بسيماته من أثر البيض حينما ينصحك بممارسة هواية أخرى لإنك فاشل فى هذه الهواية ، وهى النصيحة التى قد تجبرك ممارسة فعل "البيض" لمدة "تعليق" من الزمن .. أشمعنى أنت يعنى ؟
- متعاص دين : شخص بيض يقحم الدين فى كل كلامه فقط ، واقول كلامه فقط لإن سلوكياته دائماً لا تعرف إلى الدين طريقاً ، وهو تماماً عكس الشخص التى تعكس سلوكياته دينه وعقيدته وإيمانه بالله ثم يأتى الكلام الحلو فى أخر المظاهر ..
- فى مترو الأنفاق : ينصحك بالقيام لرجل كبير أو سيدة كبيرة وهو يجلس بجوارك كما الهيلف ، تستطيع أن تنظر له بحقد وكراهية وأن تنصاع حتى لو كنت مش قادر تصلب طولك أو مصاب فى قدمك ..
- فى الأوتوبيس : فى صورة كمسرى (الاتوبيس جوه فاضى) .. أو سواق (الطلوع من ورا يا حاج).. أو راكب (والنبى قعدنى جنبك يابنى) .. أو واحدة ست (ما تحكّــش وإنت معدى) وهى أساساً واقفة سدة طرقة الاوتوبيس والاتوبيس اللى جنبه.
- الوزير البيض : الذى يطل برأسه من بين ضحايا العبارة والدويقة والأوتوبيس والقطار ليعلن أن البلد ماشية زى الفل وأن الدولة لا تدخر مجهوداً من أجل رفاهية المواطنين .. على أساس إن الحوادث تغيير جو ؟
- فى برنامج البيت بيتك أو البيض بيضك كما يسميه البعض : يحمل إسم "تامر" وأحياناً "تامر أمين الشرطة" ، وربما يسمى "محمود" خصوصاً عندما يستضيف مدير مصلحة السجون ويزور معه الزنازين فتكشفت أن السجون المصرية جنة الله فى أرضه .. لدرجة تجعلك تسرع بإرتكاب جريمة
- فى جرنان الأخبار : تجده قطاً ممتازاً يكتب عن كرتونة البلح التى أصر الرئيس أن يدفع 65 جنيه ليستلمها من الجمارك ، وقد إشيع كذباً أن مقر الجرنان سيتحول لمقر لتصنيع كراتين البيض.
- الجار البيض : الذى يلمح فى إيدك شنطة قد تحتوى على شيئاً طويل وأخضر فيتنحنح ويسألك : هو كيلو الخيار بكام يابنى ؟ .. أو جارتك التى ما إن تلمحك خارج من باب شقتك حتى تطلب فى أدب أن تغير لها الأنبوبة.
والبيض غلى ، وهو أمر محزن جداً لكل عشاق البيض فى مصر والعالم ، لكن الكائن البيض رخص ، وأصبحت الناس من الكفاءة لإن تميزه من بين كرتونة الحياة
ألا صحيح .. أكلت بيض إنهاردة ؟
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment