Wednesday, August 12, 2009

أسئلة إلى الرئيس جمال مبارك


السيد الأستاذ جمال مبارك
تحية طيبة وبعد،،
أتمنى أن تصلك رسالتى هذه وأنت بخير وصحة، وأنت تصلك قبل أن تصل أنت إلى كرسى الحكم .. الذى بات وشيكاً لا محالة من نصيبك، إلا أن يُرِد الله غير ذلك ..
وسواء أكنت خلفاً للرئيس مبارك أطال الله بقاءه على رؤوسنا أم كان غيرك خلفاً له، فهو سيان عندى منذ أن تنحى الأمل من أمام عينيَّ أن ينصلح حال مصر، وغاب عنى الحلم فى التغيير، ومات فى قلبى الطموح ودُفن فى عز شبابة..
إلا إن لديَّ عتاباً لطيفا لك، خرج رغماً عن قلمى، فكان تأدباً منى عدة أسئلة حيرتنى كثيراً وراودتنى عن نفسى، منذ أن رأيتك وجهاً لوجه للمرة الأولى والأخيرة فى إحتفال جمعية جيل المستقبل التى حظيت بالتخرج منها عام 2003م، ومنذ ذلك الوقت وأنا أترقب بمزيد من الأسى قدومك لكرسى الرئاسة لا كراهيةً فى شخصك ولكننى كنت أتمنى أن يأتى قدومك إليه ديمقراطياً ونزيهاً وبإرادة شعبية حرة ..

ولكن..
هل فكرت للحظة أن تصبح مواطناً مصرياً قبل أن تحكم المصريين؟

هل فكرت أن تمارس طقوس أى مواطن مصرى من وقوف فى طابور العيش والجرى وراء الأوتوبيس من إمبابة حتى الجيزة، وعبور المجارى الطافحة، وشرب مية النيل وأكل الفول، ودفع فاتورة المياه والكهرباء والتليفون والإنترنت والغاز ومصاريف المدارس ؟

هل شربت ولو لمرة واحدة من حنفية المياه القادمة مباشرة من النيل إلى فُم المعدة بكل ما تحتويه من قاذورات وطمى وكائنات حية ومواد كيماوية تصلح لخوض حرب كيماوية ضروس لو تم تحويلها لأسلحة .. لكنها تنزل فى بدن المواطن المصرى فتسمه وتهريه وتليف كبده لترفع نسبة الفشل الكلوى فى مصر إلى أعلى معدلاته عالمياً وسط إنهيار الذمم وعويل الغلابة  .. وهل لجأت كما لجأ بعض المواطنين إلى تركيب فلتر للمياه فإكتشفت أن الفلتر إتسد منذ اليوم الأول وإمتلى بالأوساخ السوداء والطحالب والبكتيريا والعطن ؟

هل ركبت أتوبيس 112 من ميدان الجيزة لتذهب إلى قصر القبة متخطياً رخامة الكمسرى الذى ما أن يراك حتى يصرخ فى وجهك : الأوتوبيس فاضى جوه يا جمال .. لتدخل إلى أوتوبيس يضم من الكتل البشرية شكلاً معدلاً لعلبة سردين منتهية الصلاحية .. وهل نالتك من الشتائم والسباب من تلك السيدة التى دائماً ما تتواجد فى طرقة الأوتوبيس بعد أن تنصل المجتمع من تقدير المرأة منشغلاً برفع شعارات تمكين المرأة وحريتها؟

هل جربت البحث عن شقة إيجار قديم لتقضى ريعان شبابك كعب داير بين السماسرة والوسطاء وولاد الحلال حتى تكتشف أن الأربعين داهمتك ولا تملك من أسباب الجواز سبباً واحداً ؟

هل عملت فى شركة قطاع خاص وعدتك بمرتب كبير ثم إكتشفت أن هذا المرتب الكبير لن يسمح لك بالحصول على شقة حتى لو ظللت تدخره طوال 140 سنة ؟

هل شعرت للحظات أنك تحتاج للهروب من هذا البلد حتى لو فى قارب عبر البحر المتوسط وحتى لو كان مصيرك فى بطن حوت من كتر ما رأت عينك من الذل والمهانة والإحباط واليأس فى بلد عمر حضارته 7000 سنة أصبح يستورد القمح بحشراته بعد ما علم البشرية كيف يزرع الأرض ؟

هل لسعتك ذات مرة شمعة لتعيش للحظة جزء مما لاقاه فنانو مسرح بنى سويف والمسرح القومى والمسافرون بقطار الصعيد الذين خرجوا متفحمين جراء الإهمال والتسيب البشعين والشنيعين الذان يحكمان كل شبر من أرض مصر ؟

هل أكلت مثلى ومثل كل المصريين لمدة عشرات السنوات من خضروات مروية بمياه الـ (بى بى) ومعمول عليها (إإح) بواسطة عدة سلالات حية ؟

عزيزى جمال مبارك .. سأظل ساذجاً حتى اللحظة الأخيرة، وأنتظر منك الأجابة، والتى أعرفها بالطبع ..

لكننى تمنيت طوال عمرى أن أشارك ولو فى (عمل فنى) واحد ..
ولقد أتى لقاءك اليوم مع شباب مصر ليكون (مسرحية) جميلة ..
فإسمح لى أن أشارك ..
أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment