Tuesday, January 6, 2009

إفتقاد

كان يعشقها عشقاً غير محدود
وجهُها محفورُ فى قلبه
حَفَرتهُ أيام وشهور وسنين
.. من الصداقة والعشرة ثم الحب والإرتباط
لكنه كان يكره عصبيتها
كان يكره غبائتها الإجتماعى
وكان يكره ذلك الخلاف المتواصل الذى كان السمة الأساسية فى أيامهم الأخيرة معاً
وكان يعتقد أنها هى السبب فى هذا النكد
وكان يعتقد أن عصبيتها وغبائها الإجتماعى هما السبب فى فراقهما الأبدى
وعندما إفترقا ..
أفتقد أشياءاً كثيرة فيها
إفتقد طفولتها
وإفتقد شعرها الـ "الكيرلى " الأسود
إفتقد تعلقها به وترديدها لكلماته
والـ "إفيهات" التى كانت تنطلق بينهما فى المواقف الطريفة
وإفتقد عصبيتها
نعم .. فد إفتقد عصبيتها أيضاً
بل وإفتقد غبائها الإجتماعى
ويفسره الآن على إنه براءة وتلقائية .. وليس غباءاً إجتماعياً
يرى نفسه الآن مصطنعاً وغير برئ وغير تلقائى
يرى نفسه متكلفاً ومجاملاً ويرى الآخرين كذلك
وإفتقد الأماكن التى طالما زاروها سوياً
إفتقد النيل الذى يحكى الكثير عن حبهما
إشتاق لغضبها كما يشتاق إلى لمسة يديها ونظرة عينيها التى كانت تقول الكثير من الكلام الذى كان يحبة وكان قلما قالته شفتاها
وإفتقد كونه قبلها التى كانت تأتى إليها كل مساء من كل فجٍ عميق
إفتقد صوتها الدافئ فى التليفون
وإفتقد أظافرها الناعمة
بإختصار لم تعد حياته بدونها كما كانت
ظل يشعر طوال الوقت بإنه كائناً غير مكتمل ، وإنساناً غير متزن
وأن غرفته لم تعد مكتملة الجدران
وأن ملابسهلا تدفئه
وأن غذاءه لا يشبعه
وأن الورد - حزيناً - قد فقد جماله ورونقه
ومع العام الجديد
.. ومع كل عام جديد
مع نضوج ثمار الصيف
وغيوم سماء الشتاء
ومع أوراق شجر الخريف
وتلون زهور الربيع
...
تزيد وحدته
ويزيد الإفتقـاد
أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment