Wednesday, December 24, 2008

خـازوق محــبة شـــقيق














عندما
هبطتُ إلى أرض المطار الملكى لأول مرة لإستلم عملى فى المملكة الشقيقة .. أوقفونى
فى طابور يمتد من مكة للمدينة ، ويمتلئ بكائنات بشرية يقال لهم : مصريين
وفى
المطار الملكى تستطيع أن ترى قاعات فخمة وسلالم متحركة ، ومواطنين كأنهن بيض مكنون
يشبهون الملائكة ويرتدون ملابس أبيض فى أبيض .. هذا يحمل أمريكانى على كتفة ، وهذه
تحمل سويسرى .. وذاك يحمل بريطانى ، وذلك يحمل ألمانية ، وذاك يجلد مصرى وهكذا..  

وبجانب
القاعات الفخمة والسلالم المتحركة فى أرض المطار الملكى .. توجد حجرة صغيرة مكتوب
عليها "عنبر المصريين " .. وهى حجرة مترين فى متر تضم أكثر من 3000
مسافر مصرى بشنطهم وأمتعتهم وأولادهم وسلاطتهم وباباغنوجهم
وعندما
أتى الكفيل ليستلمنى من المطار ويمضى على الأوراق بإستلامى ويدفع 3 ريال رهن لحين
"ترجيعى" .. أوصاه عامل المطار بى خيراً .. قائلاً : لو جرى له حاجة مش
هتاخد الـ 3 ريال بتوعك .. فإرتجف الكفيل ووعده بالمحافظة علىّ
وجرنى
الكفيل من رقبتى وأطعمنى ووضع لى بعض الماء فى نعل حذاءه كى أشرب .. كان كفيلاً
طيباً لأقصى الحدود
سألنى
الكفيل عن طبيعة عملى .. فقلت له : أنا طبيب صباحاً وبقف فى طابور العيش ظهراً
وسبّاك بالليل .. فتأفف وسد مناخيرة ونظر لى بإشمئزاز وكاد أن يتبول عليَّ ،
فأبطأت الخطى فوجزنى بعصا فى يده .. حاااااا
وقال لى
ولعابه يسيل : وين زوجتك أو إبنتك ؟ قلت له : أنا مش متجوز وبنتى تركتها فى مصر ..
فنظر لى بغباء وقال لى: أخس وليش ما جبتها معك .. كنت أبغى "صكرطيرة" زين

وبعدها
ظللت
طوال خمس أعوام أعمل وأنفق على نفسى وعلى الكفيل بكل إخلاص .. وكان دائماً يعايرنى
بأنى مصرى رغم أن الكثير نصحة بإنه ما يعايبش على خلفة ربنا .. وكان عندما يغضب
ويثور علىَّ .. يعطيه أصدقائة كأساً من البترول ، فيشربة على " بؤ"
واحد ثم يهدأ قليلاً 
وفى يوم
أغبر .. كانت زوجة الكفيل مريضة .. فأرسلنى إليها لأعالجها ..
سألتها
بأدب : حاسه بإيه يا فندم ؟
فقالت :
جوعانه .. بدى آكل
فقلت
لها : أقصد .. إيه اللى بيألمك
فقالت :
القط .. طول الليل ينونو .. أرجله مرضانه ؟
قلت لها
فى صبر : أقصد إنتى ايه اللى تعبان فى جسمك
قالت :
ليش ؟ إنت طبيب ؟
قلت فى
صبر : أيوة يا فندم أنا الطبيب الجديد
قالت :
إيش ؟ جديد ؟ ما باين عليك إنك جديد .. شكلك فى التلاتينات
تنحنحت
وقلت فى صبر : أنا مصرى .. وبشتغل "سبّاك" منذ عامين لحين ما حد يمرض
فأمارس عملى كطبيب
نظرت فى
غباء ودهشة وقالت : وإنت متخرج من كليه إيش ؟
أنا
" بعد قليل من صدمة الدهشة " : من كلية طب بيطرى
هى
" لم تفهم الدعابه " وقالت : تخصص إيش ؟
أنا :
أنف وأذن وحوصلة
هى :
ايي خييي خسارة ما هتفيدنى الحين أذنى توجعنى ما أسمع بها
أنا
بنفاد صبر: طيب أفتحى بؤك وقولى آآه
هى :
أقول آآه على ايش ؟  مش تدينى مهلة أفكر
الأول
أنا
" بغيظ " : زورك ملتهب .. وعندك حصوة فى المصران الغليظ
هى : يا
ويلى .. بدى أعمل حقن سيليكون
أنا
" بضغينة " : من الأفضل تركبى نعل
هى
" ولم تفهم " وإبتسمت فى خجل : ميرصيه .. إنت إمليح إكتير
دخل
علينا الكفيل فى شموخ
وهتف
كصوت باب قديم ينخلع من مكانه : اااايش الأخبار ؟ عندها ايش يا أسطى
قلت "
وقد نفد صبرى وأدركت أنى كنت مخطئاً حينما تركت بلادى وأتيت إلى هنا" :
هى
كويسة هديها بس مسكن وهتنام وترتاح
وغامت
الدنيا أمامى ولم أرى ما حقنته يدى فى جسدها .. لكن علمت بعد ذلك إنه كان مخدر
وأنها أدمنته
وتم
الحكم عليا بمائة وسبعين ألف جلدة قبل الأكل تلات مرات فى اليوم

أحمد الصباغ .. الشقيق

No comments:

Post a Comment