Saturday, December 12, 2009

محفظتى ضاعت



بصفتى مغفل قديم، ينافس أعظم الحمير تغفيلاً وبلاهة، فإننى أعلن وبكل سعادة ذلك الخبر المأسوى المؤسف أنه – والحمد لله – محفظتى قد ضاعت.

لا يمكن أن يعيش الإنسان بدون خوازيق صغيرة تنغص عليه حياته، ناهيك عن الخوازيق الكبرى التتى تنكد عليه عيشته وعيشة اللى جايبينه.. وحياة الإنسان بدون خوازيق أشبه بسير القطار على القضبان سيراً مستوياً وهادئاً ورتيباً ومملا، أما الحياة بالخوازيق فيا محلاها.. أشبه بسير الأتوبيس فى شوارع القاهرة ساعة ظهرية متخطياً المطبات الصناعية والطبيعية وعابراً لقارات المجارى الطفاحة.

واليوم قد أطلت عليا الخوازيق فقد ضاعت محفظتى بكل محتوياتها..

عدتُ ليلة أمس مخموراً أتطوح - بفعل أكلة فول ساخنة بالزيت الحار والبصل الأخضر عزمنى عليها بعض الأصدقاء على أحدى عربات الفول المبهجة -  ودخلت المنزل، وحاولت إستعادة وعيى بكوباية شاى كشرى، لكن لا محالة فقد كان تأثير الخمر المدمس أقوى تأثيرا، فاستسلمت للنوم وعندما أتى الصباح، أتى وهو يحمل لى مفاجأة من العيار الثقيل بأن المحفظة غير موجودة بالمنزل.

واكتشفت أننى مواطن بدون محفظة..
ولا بطاقة شخصية..
ولا كارنيه..
ولا إندكس..
ولا حتى كارت ميناتل يثبت شخصيته ويضمنه لدى أقسام الشرطة..
لقد أصبحت مثل المطاريد..
مواطن بلا هوية..
بالأضافة إلى فقدان مبلغ لا بأس به..
لقد شهدت ليلة أمس دخولى المتجر لشراء الجبنة واللانشون والزيتون والخبز ثم شراء كارت شحن وكان ذلك فى الثانية صباحاً، وأذكر جيداً أننى أخرجت النقود من المحفظة، ولم احتك بأى بشرى بعدها، لذا فتأكد فقدانها وعدم سرقتها.

وانتابنى اليوم شعور موحش بالكآبة والتوتر والقرف، آلان علىّ أن أبدأ رحلتى السعيدة مع السجل المدنى لاستخراج بطاقة، ومع المكتبة والجمعية والنادى لاستخراج كارنيهات بديلة.

كما أن صوراً لأشخاص عزيزة قد فقدتها، منهم من أعيش فى كنفهم الآن وأستطيع أن أأتى بصور بديلة لهم، ومنهم من أصبح مستحيلاً أن أحصل على صوراً أخرى لهم.

بورترية على ورقة صغيرة كنت قد رسمته لصديق لى منذ سنوات، أعتز به للغاية قد فقدته إلى الأبد..

عملات ورقية صغيرة تحمل إهداءات من أغلى البشر قد ذهبت مع الريح..

قدر الله وماشاء الله فعل، والحمد لله..

تذكرت وانا أنعى محفظتى موقفاً طريفاً حدث منذ عشرات السنوات حينما كتب الراحل مصطفى أمين مقاله بعنوان : ملعون أبو المَحافظ – جمع محفظة .. فتسبب له المقال فى مشكلة كبيرة مع سيادة المُحافظ.

أصدقائى الاعزاء.. إذا كنت تمشى فى الشارع وصادفت شخصاً كئيباً يسير مطأطأ الرأس وبلا محفظة، إبتسم.. أنه أنا

ولا أرانا الله مكروه فى محفظةٍ لديكم..


أحمد الصباغ

No comments:

Post a Comment