إستقبلتُ العيد مثلى ومثل الملايين من عشاق اللحمة الذين لا يرونها سوا فى هذه الأيام المجيدة، وجوعت نفسى عدة أيام، حتى أستطيع إستقبالها بمعدة خاوية والإتيان على أكبر قدر منها، وحلمت ببرنامج غذائى دقيق أتنقل فيه ما بين اللحمة الضانى والبتلو والكندوز والعجالى، ثم جاءت أيام العيد المباركة فإذ بحنفية ضيوف تنفتح فى منزلنا.
وقد إشتاق جميع أقاربنا ومعارفنا فجأة لزيارتنا ووصل ودنا، فأتوا من كل فجٍ عميق، وإذ باللحمة التى حلمت بها على مدار شهر مشوية ومحمرة ومسلوقة قد تبخرت بين أيادى وأصابع الضيوف الفجعانين.
وأنا الذى تعودت أن أبدو أمام الضيوف كما لو كنت إبن ناس وعينى شبعانة، فلا أمد يدى إلا بعد أن يشبع الضيوف، وأتناول الطعام برفق ونعومة، وأحياناً كنت أشتكى صارخاً (هو الأكل لحمة تااانى أوووف عايز أغير شوية وآكل فول) .
الأعمام وأولاد الأعمام والخلان وأبناء الخلان والمخاليل المتشردين أولاد وبنات أخواتى قد أنقضوا على اللحمة بلا شفقة حتى خامس يوم العيد، فلم أستطع خلال هذه المعارك سوى الحصول على حتة (شغتة) بالكاد، وعضمة، وسط الأفواه المليئة باللحمة المشوية والمحمرة، والعيون التى يملؤها الجشع الغذائى والسعادة.
إستعوضت ربنا فى أمر اللحمة، وقررت إستبدال الأحلام الضانى بأحلام كشرية بالصلصة، ومررت خلال أيام العيد على كل محلات الكشرى فى شمال أفريقيا آكلاً اللوكس والإسبيشيال والعادة والكمالة وواضعاً الشطة والدقة والليمون وممارساً أكل الكشرى فى طبق وعلبة وكيس مخروم، وهكذا سمحت لى فجعة عائلتى الكريمة بالعودة إلى القليل من أيام الطفولة.
لكن الدرس الذى تعلمته، هو أن أزور جميع أقاربى عدة مرات قبل العيد بحيث يشبعوا منى، ويضيع إشتياقهم الشديد لى فى أيام العيد ولا يصبح لأحدهم حجة لزيارتنا الكريمة.
وإلى اللقاء مع اللحمة فى العام القادم بإذن الله..
أحمد الصباغ
No comments:
Post a Comment