من مجلة دنيا الوطن
تشيع بين المصريين مقولة مفادها أن للحوائط آذانًا. وهذه المقولة غالبا ما تقال للحض على التوقف عن التحدث في الموضوعات ذات الحساسية الأمنية أو السياسية، أو تلك التي قد تمس الرؤساء في العمل. ومؤخرا أصبح للحوائط في مصر ألسنة أيضًا.
فأينما انتقلت بعينيك تجد هذه الحوائط تتحدث في السياسة، والمناسبات الاجتماعية، وتتخذ الموقف تلو الآخر تبعا للأحداث المتلاحقة، فيما اصطلح على تسميته بـ"صحافة الحوائط".
وقد حقق بعض المواطنين شهرة واسعة من خلال الإصرار على الكتابة على الحوائط في أماكن بارزة وبالقرب من مقار الصحف والمجلات المعروفة؛ للتعبير عن متاعبهم الخاصة والعامة؛ الأمر الذي اعتبره أحد الخبراء أسلوبا ينتشر في الدول التي تعاني من غياب القنوات الشرعية للتعبير والتي تمارس فيها الأنظمة أساليب متعددة من الرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام المختلفة.
وأبرز مثال على هؤلاء شخص يدعى "محمود عبد الرازق" أطلق على نفسه لقب "أديب الشباب". وكل فترة يستيقظ سكان العاصمة المصرية (القاهرة) على إعلان جديد على الحوائط ومحطات الترام، بعنوان جديد، لأحد مؤلفات "أديب الشباب" يتناول بعض القضايا الهامة التي تتداولها وسائل الإعلام. وكان آخر مؤلفاته "الألوهية والجنس" الذي كتبه بمناسبة نشر الصحف المصرية أنباء عن العديد من الأشخاص الذين ادعوا النبوة.
وحسب مصادر بوزارة الداخلية المصرية فإن الشرطة استدعت الأديب المزعوم أكثر من مرة وحذرته من الاستمرار في تلويث الحوائط، إلا أنه في كل مرة يزعم أن هناك شخصا ما، مجهولا، يقوم بكتابة هذه الإعلانات بدون الرجوع إليه، فتضطر الشرطة للإفراج عنه بعد التنبيه علية بعدم تكرار الموقف.
ومع ذلك ما زالت إعلانات كتب أديب الشباب الغريبة منتشرة في كل مكان بالعاصمة، وينظر إليها المارة وهم يبتسمون ويشفقون على صاحبها.
وفي مصر ينتشر الكثير من هؤلاء الباحثين عن فرصة للتعبير عن همومهم سواء الشخصية أو حتى الهموم السياسية العامة.
وكان آخر هؤلاء مهندس مقاولات يدعى محمد بهاء الدين -51 عاما- من سكان مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية الواقعة على بعد 100 كيلومتر شمال القاهرة، وقد ألقت أجهزة الأمن القبض عليه قبل نحو أسبوع بالمدينة بتهمة "ازدراء الحكم".
ووفقا لمصادر النيابة العامة في قسم أول الزقازيق فإن المهندس اعترف بأنه كتب على حوائط بطريق الجامعة وبعض المنشآت الأثرية في منطقة "تل بسطة" عبارة "لا لتوريث الحكم"، وكرر العبارة أكثر من 20 مرة في أماكن مختلفة في المدينة مستخدما علبة "دوكو" (أسبري) حمراء لتكون واضحة للمارة ولعموم الناس، لكنه أكد أنه لا ينتمي لأي حزب سياسي أو جماعة فكرية.
وكان نجم "جمال مبارك" -نجل الرئيس المصري- قد سطع في الحياة السياسية في الآونة الأخيرة بعد توليه رئاسة لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، في 17-9-2002. وأثيرت توقعات بأن يخلف جمال مبارك والده الذي أصيب بوعكة صحية في شهر نوفمبر الماضي 2003.
وفي مدينة الإسكندرية الساحلية يعرف الأهالي شابًّا في منتصف العقد الرابع من عمره يدعى "جمال الدولي". والدولي يحمل شهادة جامعية ولا يعمل بينما إعلاناته تملأ شوارع المدينة وله العديد من العبارات التي يخلط فيها الفن بالسياسة وحياته الشخصية بموقفه الرافض للحكومة.
ويستغل "الدولي" المناسبات العامة ومباريات كرة القدم للتعبير عن آرائه السياسية وحتى الفنية، حيث قرر في إحدى المباريات أن ينزل من وسط الجمهور إلى وسط الملعب عاريا من معظم ملابسه في مشهد مثير لا ينساه معظم أهالي الإسكندرية.
ومن المألوف أن يشاهد المصريون لافتات كثيرة متنوعة -بعضها في المواصلات العامة- تدعو بعضها النساء للحجاب أو حث الناس على الصلاة، وبعضها يتناول الحث على الجهاد والدعاء لاستعادة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.
No comments:
Post a Comment