مقال لـ شريف الشافعى
ظاهرة عجيبة في ميدان الحياة الثقافية في مصر.. اسمها "محمود عبدالرازق عفيفي"، أو "أديب الشباب"..، كما يطلق هو على نفسه! وهذا المؤلف يعد ظاهرة بكل معنى الكلمة، ليس فقط لأنه أحد المؤلفين الذين يمارسون الكتابة بلهجة يقينية في مجالات متعددة متباينة من بينها الفلسفة والأدب والسياسة والقانون والهندسة الوراثية، ولا لكونه ينتج كتباً تثير الجدل وتخضع أحياناً للمصادرة (من بين كتبه: إجهاض الحرية، ولا لأنه يخوض مئات المعارك مع المثقفين وبعض الشخصيات العامة ومسؤولي الأمن والسلطة..، فهذه كلها أمور غريبة ولافتة بالطبع، إلا أنها قد تجتمع في كتاب ومؤلفين ومبدعين آخرين من محترفي الفرقعات الإعلامية ومجانين الشهرة والأضواء أو محبي الإثارة وإحداث خلخلة في وعي الجمهور ومسلماته".أما الذي ينفرد به محمود عبدالرزاق عفيفي في مضمار الغرابة، مع كونه يأتي بما سبق، فهو قيامه بنشر إعلانات دعائية واسعة النطاق عن كتبه ومؤلفاته، وهذه الإعلانات التي تتعدى المئات قام بلصقها أسفل جميع كباري القاهرة، كما كتبها على حوائط البنايات الشهيرة في العاصمة، وفي مختلف الميادين العامة..، وهي موضوعة في أماكن بارزة ولافتة، ويمكن ببساطة لأي مار في شارع الجلاء مثلاً بين ميداني رمسيس والتحرير أن يرصد بعضاً من هذه الإعلانات، وكذلك في شارع شبرا الرئيسي، وبين السرايات، والعباسية، والهرم..، وغيرها. ويتضمن الإعلان ثبتاً بالكتب المنشورة ل "أديب الشباب" محمود عفيفي، فضلاً عن قائمة بأسماء دور النشر (الخاصة بالطبع) التي تطبع أعماله، ومختارات من أقواله ومأثوراته التي تلخص كثيراً من أفكاره!.لقد اخترق محمود عبدالرازق عفيفي حدود النشر المتعارف عليها، وتجاوز النشر الإلكتروني عبر الانترنت، ليقدم نموذجاً فريداً في "النشر المجاني على الحوائط والكباري"، والطريف أنه يوقع بخط يده على كل إعلان في الشارع، ثم يذيّل التوقيع بلقب "أديب الشباب"، وقد يضيف عنوانه ورقم هاتفه إمعاناً في التحدي!ويمارس محمودعبدالرزاق عفيفي نوعاً آخر من طقوس الغرابة في سياق "النشر المجاني"، فالرجل رغم ان كتبه تحقق مبيعات فعلية جيدة للغاية يتطوع أحياناً، فيقوم بتوزيع ملخصات كتبه وعصارات أفكاره حول القضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية المثارة على هيئة "منشورات" مطبوعة، يتم توزيعها بالمجان على المثقفين والمبدعين وبعض الصحافيين والإعلاميين، فضلاً عن "الشباب" من قراء "أديب الشباب"!.وكنموذج دال على ابداعات عبدالرازق عفيفي، هذا المطبوع الأخير الصادر له، والذي وقع في أيدينا، وفيه يلخص عبدالرازق عفيفي تصوراته حول بعض القضايا والأمور المثارة، فضلاً عن ابدائه لآرائه في بعض الهيئات والشخصيات العامة.ينتقد محمود عبدالرزاق عفيفي "الهيئة المصرية العامة للكتاب" وذلك لكونها تسرف في طبع المجلدات الضخمة. يقول عفيفي: "موسوعة سليم حسن (مصر القديمة) التي طبعتها هيئة الكتاب تجسد اسرافاً شديداً، فهذا الكتاب شديد التخصص، وكان يكفي تصوير مائة نسخة وتوزيعها على مكتبات الأثريين بدلاً من اهدار مئات الألوف من الجنيهات. انني أنادي بالحجر على القائمين على هيئة الكتاب، فقد كان من الممكن تلخيص هذه الأجزاء في كتاب واحد".كما يوجه محمود عبدالرزاق عفيفي كلمة، في مطبوعه الأخير، الى وزير العدل المصري المستشار فاروق سيف النصر، يرد فيها عن نفسه شبهة "تزييف النقود"، بل ويهاجم عبدالرازق عفيفي هؤلاء المزيفين أنفسهم قائلاً: "اكتشفت بمجرد اقتنائي للكمبيوتر انني جلبت على نفسي شبهة تزوير النقود دون أن أدري! ورجال المباحث فتشوا شقتي، وأنا ألتمس لهم العذر. ولكن هل يُعقل أن مثلي يرتكب مثل هذا الجرم البشع؟ انني انادي بالوطنية وحب مصر. ثم كيف أقدم على ارتكاب جريمة عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة مع أنني ميسور الحال نسبياً والحمد لله.
No comments:
Post a Comment