قبل سنوات شهدت جدران مدينة القاهرة حالة فريدة، فقد انتشر الكثير من الإعلانات التي تنبئ بأديب الشباب، وأصبح اسم محمود عبد الرازق عفيفي شهيراً لكل من يركبون المترو من وسط المدينة إلى حي مصر الجديدة، لكن الشهرة لم تتعد غالباً حدود الاسم لأن كثيرين لم يتخطوا تلك المرحلة إلى مرحلة تالية تتمثل في شراء كتبه. القليلون الذين فعلوا عرفوا ما يمكن أن تفعله الجدران، فقد تسببت في شهرة استثنائية لأديب الشباب الذي لم تكن كتبه تحمل أي قيمة أدبية، بل كانت مجموعة من الكتابات الركيكة التي تجعل قارءها يستغرق في الضحك من آرائه وحكاياته عن فنانات يطاردنه ليتزوجن به ويلححن عليه رغم رفضه. كان عفيفي حسبما أشارت كتبه يقوم بدعايته لنفسه، فهو يتجه كل مساء إلى أحد الأحياء حاملا طلاءه وفرشاته ليكتب عباراته على الجدران. عبر السنوات تغير الأمر واختفت تلك العبارات ربما بحكم تقدمه في السن التي لم تعد تتيح له فرصة استكمال مناوشة عمال النظافة الذين كانوا يزيلون دعاياته فيعيد كتابتها في اليوم التالي. حالياً لم يتبق من أديب الشباب إلا عبارات منسية في بعض الأحياء الشعبية. ويذكر جمال الغيطاني أنه شاهد أخيراً إحداها في طريق الاوتوستراد بالقرب من حي الدويقة: «إنها بقايا متناثرة من عبارات نسيها الزمن أو ما أطلق عليها اسم سواقط القيد. وأذكر منها أيضا عبارة دعائية كتبها أحد المرشحين في الستينات للدعاية لنفسه في انتخابات الاتحاد الاشتراكي».
من مقال لـ إيهاب الخضرى
No comments:
Post a Comment